Arts and CultureNewsالقافلة

التجربة الدنماركية: كوميديا مختلفة وأداء متميز

تقرير : ياسمين نبيل

ربما‭ ‬ستلاحظ‭ ‬من‭ ‬البداية‭ ‬تدفق‭ ‬الأعداد‭ ‬إلى‭  ‬قاعة‭ ‬العرض‭ ‬وامتلائها‭ ‬بالحضور‭ ‬عن‭ ‬آخرها‭ ‬بأنك‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬أن‭ ‬تستمتع‭ ‬بمسرحية‭ ‬استثنائية‭. ‬

‭ ‬يستقر‭ ‬الجمهور‭ ‬في‭ ‬أماكنهم‭ ‬وتهدأ‭ ‬أصواتهم‭ ‬ليرتفع‭ ‬صوت‭ ‬المعلق‭ ‬في‭ ‬مسرح‭ ‬الفلكي‭ ‬بالجامعة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بالقاهرة‭  ‬ليعلن‭ ‬عن‭ ‬بدء‭ ‬مسرحية (التجربة‭ ‬الدنماركية).‭  ‬

التجربة‭ ‬الدنماركية‭ ‬هي‭ ‬مسرحية‭ ‬شبابية‭ ‬أو‭ ‬نتاج‭ ‬ورشة‭ ‬ارتجالية‭ ‬كما‭ ‬يعرفها‭ ‬أصحابها‭. ‬تحكي‭ ‬المسرحية‭ ‬حكاية‭ ‬شاب‭ ‬يحب‭ ‬التمثيل‭ ‬ويحلم‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ممثلًا‭ ‬لكن‭ ‬يُواجَه‭ ‬بالرفض‭ ‬الشديد‭ ‬من‭ ‬والده‭ ‬وعدم‭ ‬التشجيع‭ ‬من‭ ‬أسرته‭ ‬المكونة‭ ‬من‭ ‬خمسة‭ ‬أفراد‭. ‬

يظل‭ ‬الحال‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يُواجِه‭ ‬الابن ‭)‬كريم)‭ ‬أباه‭ ‬يومًا‭ ‬بأن‭ ‬لديه‭ ‬عرضًا‭ ‬مسرحيًّا‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الليلة‭ ‬حيث‭ ‬يقوم‭ ‬كريم‭ ‬بدور ‭)‬هاملت).‭  ‬

يغضب‭ ‬الأب‭ ‬بشدة‭ ‬ويعنف‭ ‬ابنه‭ ‬ويطرده‭ ‬من‭ ‬البيت‭ ‬محذرًا‭ ‬إياه‭ ‬بأن‭ ‬تلك‭ ‬هي‭ ‬المرة‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بالتمثيل‭ ‬فيها‭. ‬

يخرج‭ ‬كريم‭ ‬ويبقى‭ ‬الشد‭ ‬والجذب‭ ‬والأحداث‭ ‬التي‭ ‬تتخللها‭ ‬الكوميديا‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يفاجأوا‭ ‬بحضور‭ ‬زملاء‭ ‬كريم‭ ‬إلي‭ ‬البيت‭ ‬ومعهم‭ ‬كريم‭ ‬وهو‭ ‬فاقد‭ ‬الوعي‭.‬

‭ ‬يتفحصه‭ ‬الطبيب‭ ‬ثم‭ ‬يخبر‭ ‬الأسرة‭ ‬بأن‭ ‬كريم‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬مرض‭ ‬نادر‭ ‬وخطير‭ ‬جعله‭ ‬يتقمص‭ ‬شخصية‭ ‬هاملت‭ ‬وأن‭ ‬علاجه‭ ‬الوحيد‭ ‬أن‭ ‬يحاكي‭ ‬كل‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭ ‬أحداث‭ ‬مسرحية‭ ‬هاملت‭ ‬لويليام‭ ‬شكسبير‭ ‬ويتقمصوا‭ ‬شخصيات‭ ‬أبطالها‭ ‬حتى‭ ‬المشهد‭ ‬الأخير‭ ‬الذي‭ ‬يموت‭ ‬فيه‭ ‬هاملت‭ ‬وعند‭ ‬ذلك‭  ‬فقط‭ ‬سيعيش‭ ‬كريم‭. ‬

في‭ ‬البداية،‭ ‬يرفض‭ ‬الأب‭ ‬بشدة‭ ‬هذا‭ ‬العلاج‭ ‬ولكن‭ ‬الطبيب‭ ‬يحذره‭ ‬بأن‭ ‬أي‭ ‬محاولة‭ ‬لجذب‭ ‬كريم‭ ‬إلي‭ ‬الواقع‭ ‬ربما‭ ‬تنتهي‭ ‬بكارثة‭. ‬

وهكذا‭ ‬نجد‭ ‬الأب‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يكره‭ ‬التمثيل‭ ‬ويمنع‭ ‬ابنه‭ ‬منه،‭ ‬يجد‭ ‬نفسه‭ ‬مجبرًا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يقرأ‭ ‬المسرحية‭ ‬ويبدأ‭ ‬في‭ ‬التمثيل‭ ‬بنفسه‭ ‬مع‭ ‬بقية‭ ‬أفراد‭ ‬عائلته‭ ‬لينقذ‭ ‬ابنه‭.

‬يتحد‭ ‬أفراد‭ ‬المنزل‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬ويتعاونون‭ ‬معًا‭ ‬في‭ ‬محاولات‭ ‬عديدة‭ ‬منهم‭ ‬للوصول‭ ‬بكريم‭ ‬للمشهد‭ ‬الأخير‭. ‬يواجه‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الصعوبات‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬أحيانًا‭ ‬إلى‭ ‬فشل‭ ‬محاولات‭ ‬إفاقة‭ ‬كريم‭ ‬وجعلته‭ ‬يتخشب‭ ‬وما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الطبيب‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يحذر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬علاجه‭ ‬الوحيد‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬السفر‭ ‬إلى‭ ‬الدنمارك‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬هاملت‭ ‬أميرًا‭ ‬لكنه‭ ‬وبالصدفة‭ ‬اكتشف‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬الاستعاضة‭ ‬عن‭ ‬السفر‭ ‬بالجبن‭ ‬دنماركي‭ ‬الصنع‭ ‬وكذلك‭ ‬المياه‭ ‬المثلجة‭ ‬لأنها‭ ‬شبيهة‭ ‬بدرجة‭ ‬حرارة‭ ‬الدنمارك‭. ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬تنجح‭ ‬الأسرة‭ ‬في‭ ‬إفاقة‭ ‬كريم‭ ‬ويقتنع‭ ‬الأب‭ ‬أخيرًا‭ ‬بحلم‭ ‬كريم‭ ‬في‭ ‬التمثيل‭ ‬وتصبح‭ ‬علاقته‭ ‬بأبنائه‭ ‬أقوى‭ ‬وأنجح‭. ‬

تستمر‭ ‬المسرحية‭ ‬نحو‭ ‬ساعة‭ ‬ونصف‭ ‬لا‭ ‬ينقطع‭ ‬خلالها‭ ‬الضحك‭ ‬والكوميديا‭ ‬والنكات‭ ‬الشبابية‭ ‬والسخرية‭ ‬العصرية‭ ‬المأخوذة‭ ‬من‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭.‬

‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أحداث‭ ‬المسرحية‭ ‬تدور‭ ‬بالكامل‭ ‬في‭ ‬منزل‭ ‬الأسرة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المسرحية‭ ‬لا‭ ‬يصحبها‭ ‬أي‭ ‬ملل‭. ‬أبطال‭ ‬المسرحية‭ ‬كل‭ ‬يقوم‭ ‬بدوره‭ ‬بعناية‭ ‬شديدة‭ ‬وكأن‭ ‬الدور‭ ‬فُصِّل‭ ‬ليليق‭ ‬بذلك‭ ‬الممثل‭. ‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الأبطال‭ ‬بينهم‭ ‬تناغم‭ ‬شديد‭ ‬وروح‭ ‬شبابية‭ ‬خفيفة‭ ‬تظهر‭ ‬في‭ ‬أدائهم‭ ‬طوال‭ ‬المسرحية‭ ‬وتمتع‭ ‬الجمهور‭ ‬وتضفي‭ ‬بهجة‭ ‬على‭ ‬الأجواء‭. ‬

المسرحية‭ ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬المخرج‭ ‬الشاب‭ ‬صلاح‭ ‬إيهاب‭ ‬صلاح‭ ‬الدين‭ ‬وعرضت‭ ‬لمدة‭ ‬خمسة‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬سبتمبر‭ ‬على‭ ‬مسرح‭ ‬الفلكي‭. ‬

تحدث‭ ‬صلاح‭ ‬الدين‭ ‬إلى‭ ‬القافلة‭ ‬وقال‭ ‬إن‭ ‬فريق‭ ‬عمل‭ ‬المسرحية‭ ‬هو‭ ‬مجموعة‭ ‬شباب‭ ‬من‭ ‬كلية‭ ‬حقوق‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬عين‭ ‬شمس‭ ‬حيث‭ ‬بدأت‭ ‬معرفتهم‭ ‬ببعضهم‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬فريق‭ ‬المسرح‭ ‬وحبهم‭ ‬للتمثيل‭. ‬

قال‭ ‬صلاح‭ ‬الدين‭: ‬‮«‬بدأنا‭ ‬في‭ ‬المسرحية‭ ‬منذ‭ ‬مارس‭ ‬وعرضناها‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مسارح‭ ‬منها‭ ‬مسرح‭ ‬الهوسابير‭ ‬ولكننا‭ ‬لم‭ ‬نجد‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬مسرح‭ ‬الفلكي‮»‬

وأضاف‭: ‬‮«‬اخترنا‭ ‬اسم‭ ‬المسرحية‭ ‬تيمنا‭ ‬بالفنان‭ ‬عادل‭ ‬إمام‭ ‬الذي‭ ‬أحبه‭ ‬كثيرًا‭ ‬ولأننا‭ ‬فكرنا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬الاسم‭ ‬سيكون‭ ‬عامل‭ ‬جذب‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬المشاهدين‭ ‬لأنه‭ ‬يحمل‭ ‬نفس‭ ‬اسم‭ ‬الفيلم‭ ‬المشهور‮»‬‭. ‬

كان‭ ‬المخرج‭ ‬التلفزيوني‭ ‬المشهور‭ ‬تامر‭ ‬محسن‭ ‬ضمن‭ ‬الحضور‭ ‬وشارك‭ ‬فريق‭ ‬القافلة‭ ‬برأيه‭ ‬في‭ ‬المسرحية‭ ‬وقال‭ :‬‮«‬تلقيت‭ ‬دعوة‭ ‬من‭ ‬منتجة‭ ‬العرض‭ ‬أن‭ ‬أحضر‭ ‬المسرحية‭ ‬ففعلت‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬المجاملة‭ ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬خمسة‭ ‬دقائق‭ ‬من‭ ‬العرض‭ ‬استغرقت‭ ‬تماما‭ ‬في‭ ‬المسرحية‭ ‬ولم‭ ‬أستطع‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬الضحك‭. ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬أبهرني‭ ‬أنك‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬تحديد‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬أفضل‭ ‬ممثل‭ ‬من‭ ‬ال٢٩ ‭ ‬شابًّا‭.‬‮»‬

‭ ‬وأضاف،‭ ‬‮«‬النص‭ ‬مكتوب‭ ‬بذكاء‭ ‬شديد‭ ‬ولدى‭ ‬المخرج‭ ‬قدرة‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬الحكي‭ ‬والصياغة‭ ‬وجذب‭ ‬الانتباه‭  ‬والممثلون‭ ‬يعملون‭ ‬بجدية‭ ‬شديدة‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬الشخصيات‭ ‬هزلية‭ . ‬كنت‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬تعرض‭ ‬المسرحية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمسة‭ ‬أيام‭ ‬لأنها‭ ‬تستحق‭.‬‮»‬