Home Page

من هنا أتخلى عن السيف وارفع طوق النجاة

«‬هو‭ ‬أنت‭ ‬من‭ ‬أمن‭ ‬الدولة؟“‭, ‬‮«‬لست‭ ‬متأكدًا‭ ‬إن‭  ‬كان‭ ‬بإمكاني‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭.‬‮»‬‭  ‬‮«‬هل‭ ‬يمكنني‭ ‬التحدث‭ ‬بدون‭ ‬نشر‭ ‬كلامي؟

كانت‭ ‬جميع‭ ‬تلك‭ ‬الإجابات‭ ‬أمثلة‭ ‬من‭ ‬ردود‭ ‬مجتمع‭ ‬الجامعة‭ ‬عندما‭ ‬حاول‭ ‬محررين‭ ‬القافلة‭ ‬إجراء‭ ‬المقابلات‭ ‬معهم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬جمع‭ ‬المعلومات‭ ‬بالأسبوع‭ ‬الماضي‭.‬كنت‭ ‬دائما‭ ‬أسمع‭ ‬عن‭ ‬تخوف‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬أى‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬الصحافة‭ ‬أو‭ ‬الاعلام‭, ‬وبالأخص‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬الموضوع‭ ‬مثيرا‭ ‬للجدل‭. ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬فاجأني‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬المواضيع‭ ‬سواء‭ ‬مثيرة‭ ‬للجدل‭ ‬أم‭ ‬لا‭, ‬أصبحت‭ ‬تعامل‭ ‬بطريقة‭ ‬أكثر‭ ‬حرصا‭ ‬من‭ ‬اللازم‭.‬

“القلم‭ ‬الصحفي‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬السيف‭,‬‮»‬‭ ‬جملة‭ ‬اعتدنا‭ ‬سماعها‭ ‬ويقتدي‭ ‬بها‭  ‬تقريبا‭ ‬جميع‭ ‬الإعلاميين‭ ‬من‭ ‬حول‭ ‬العالم‭, ‬مما‭ ‬يوضح‭ ‬سبب‭ ‬تخوف‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬التحدث‭ ‬إلى‭ ‬الصحافة‭.‬

ولكن‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭, ‬ذلك‭ ‬التشبيه‭ ‬بالسيف‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الجزء‭ ‬الذي‭ ‬أحترمه‭ ‬أو‭ ‬أستمتع‭ ‬به‭ ‬بالصحافة‭. ‬فكنت‭ ‬دائما‭ ‬أرى‭ ‬القلم‭ ‬الصحفي‭ ‬كطوق‭ ‬نجاة‭ ‬ووسيلة‭ ‬لانقاذ‭ ‬الناس‭, ‬وليس‭ ‬لارهابهم‭ .‬

ومع‭ ‬أن‭ ‬القلم‭ ‬الصحفي‭ ‬حقا‭ ‬كالسيف‭, ‬لا‭ ‬يأتي‭ ‬هذا‭ ‬السيف‭ ‬وحده‭. ‬فذلك‭ ‬التأثير‭ ‬الذي‭ ‬نعتبره‭ ‬بقوة‭ ‬السيف‭, ‬تأتي‭ ‬أيضا‭ ‬القوة‭ ‬والمساحة‭ ‬للمساعدة‭ ‬والفرصة‭ ‬الأكبر‭ ‬للتأثير‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭.‬

كيف‭ ‬ستطلب‭ ‬الناس‭ ‬المساعدة‭, ‬أو‭ ‬يتم‭ ‬تقديرهم‭ ‬عند‭ ‬النجاح‭, ‬أو‭ ‬يأثروا‭ ‬على‭ ‬غيرهم‭, ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬يوصلوا‭ ‬رسالة‭ ‬معينة‭  ‬للناس؟‭  ‬كيف‭ ‬يمكنهم‭ ‬العيش‭ ‬بدون‭ ‬معرفة‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬من‭ ‬حولهم؟‭ ‬

تقرير‭ ‬صغير‭ ‬عن‭ ‬الحادثة‭ ‬التي‭ ‬رأيتها‭ ‬بالصدفة‭ ‬على‭ ‬الطريق‭ ‬بإمكانها‭ ‬إنقاذ‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأرواح‭ ‬بالوقت‭ ‬الراهن‭ ‬وبالمستقبل‭.‬

‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬لاخبار‭ ‬الناس‭ ‬أو‭ ‬لتمثيل‭ ‬صوتهم‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬لتسليتهم‭, ‬تأثير‭ ‬القلم‭ ‬سيظل‭ ‬قائما‭.‬

ومع‭ ‬أن‭ ‬صحافة‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬الحاضرة‭ ‬قد‭ ‬تخلق‭ ‬لك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬والمبررات‭ ‬لعدم‭ ‬الوثوق‭ ‬بهم‭, ‬توجد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الحقائق‭ ‬والقواعد‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تجعل‭ ‬البعض‭ ‬منهم‭ ‬محلا‭ ‬للثقة‭.‬

تعد‭ ‬قاعدة‭ ‬عدم‭ ‬التحيز‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬القواعد‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تجعل‭ ‬الوثوق‭ ‬بالصحافة‭ ‬أكثر‭ ‬سهولة‭. ‬فالإعلاميين‭ ‬المهنيين‭ ‬لا‭ ‬يتخذوا‭ ‬الصفوف‭, ‬لا‭ ‬يعبرون‭ ‬عن‭ ‬رأيهم‭ ‬ولا‭ ‬يتركوا‭ ‬الأمور‭ ‬لاهوائهم‭. ‬حتى‭ ‬اذا‭ ‬لم‭ ‬يؤيدوا‭ ‬آرائكم‭ ‬ووجهات‭ ‬نظركم‭, ‬من‭ ‬واجبهم‭ ‬إيصال‭ ‬أصواتكم‭ ‬كاملة‭ ‬وبدقة‭ ‬حتى‭ ‬يحتفظوا‭ ‬بمصداقيتهم‭.‬

اضافة‭ ‬الى‭ ‬ذلك‭, ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬نشر‭ ‬الأخبار‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬واحدة‭ ‬لضمان‭ ‬العدالة‭ ‬لجميع‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنية‭. ‬لذلك‭, ‬عندما‭ ‬يتصل‭ ‬بك‭ ‬أحد‭ ‬الصحفيين‭, ‬اعلم‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬ليتدخل‭ ‬بشؤونك‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تخصه‭ ‬أو‭ ‬مضايقتك‭ ‬أو‭ ‬تخويفك‭. ‬بل‭ ‬يتواصل‭ ‬معك‭ ‬فقط‭ ‬لمنحك‭ ‬مساحة‭ ‬للحديث‭ ‬والتعبير‭ ‬عن‭ ‬رأيك‭.‬

من‭ ‬الأسباب‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تجعل‭ ‬الصحافة‭ ‬محل‭ ‬ثقة‭ ‬هو‭ ‬هدفهم‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬عملهم‭. ‬فمعظم‭ ‬الإعلاميون‭ ‬يهتمون‭ ‬بعملهم‭ ‬من‭ ‬أجل‭  ‬كشف‭ ‬الحقائق‭ ‬وبالتالي‭ ‬إصلاح‭ ‬المجتمع‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الأطول‭. ‬فمهنة‭ ‬الصحافة‭ ‬ليست‭ ‬من‭ ‬المهن‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬الأجور‭ ‬أو‭ ‬تسهل‭ ‬المعيشة‭, ‬بالعكس‭ ‬تماما‭.‬

مع‭ ‬أن‭ ‬فكرة‭ ‬الالتزام‭ ‬بالصمت‭ ‬قد‭ ‬تظهر‭ ‬كأقل‭ ‬خطورة‭ ‬من‭ ‬الكلام‭ ‬مع‭ ‬الصحافة‭, ‬ليس‭ ‬هذا‭ ‬الحال‭ ‬دائما‭. ‬فيوجد‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬جانبين‭ ‬للقصة‭ ‬الواحدة‭. ‬إن‭ ‬اخترت‭ ‬الا‭ ‬تتحدث‭, ‬جانبك‭ ‬من‭ ‬القصة‭ ‬سيكون‭ ‬غير‭ ‬متواجد‭. ‬وبذلك‭ ‬تكون‭ ‬قد‭ ‬تركت‭ ‬نفسك‭ ‬لتساؤلات‭ ‬الناس‭ ‬وشكوكهم‭. ‬

كما‭ ‬أن‭ ‬التعقيدات‭ ‬المفروضة‭ ‬حاليا‭ ‬على‭ ‬الصحافة‭ ‬تجعلهم‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬أكثر‭ ‬خطورة‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬المعلومات‭ ‬نفسهم‭.‬

‭. ‬بعد‭ ‬اسبوعين‭ ‬من‭ ‬بداية‭ ‬الترم‭ ‬كرئيسة‭ ‬تحرير‭ ‬جريدة‭ ‬القافلة‭, ‬تذكرت‭ ‬ما‭ ‬تعنيه‭ ‬الصحافة‭ ‬لي‭ ‬عندما‭ ‬شاهدت‭ ‬كيف‭ ‬يتجنب‭ ‬أعضاء‭ ‬مجتمعنا‭ ‬الجامعي‭ ‬المحررين‭ ‬بدون‭ ‬أي‭ ‬أسباب‭ ‬وجيهة‭ ‬كأننا‭ ‬العدو‭.‬

مع‭ ‬أن‭ ‬الشيء‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬نتشبث‭ ‬به‭ ‬هنا‭ ‬هو‭ ‬تمثيل‭ ‬صوت‭ ‬المجتمع‭ ‬الجامعي‭ ‬بأكمله‭, ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬من‭ ‬يكونون‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يفعلوه‭.‬

نحن‭ ‬هنا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الطلاب‭, ‬الأساتذة‭, ‬رجال‭ ‬الأمن‭, ‬العمال‭, ‬الادارة‭ ‬وجميع‭ ‬المؤسسات‭ ‬الاخرى‭ ‬بالتساوي‭. ‬