FeaturedHome PageNews

ماما: العائلة المصرية في أقل من ساعة ونصف

‭ ‬تقرير‭: ‬داليا‭ ‬عبدالوهاب

تختلف‭ ‬ديناميكيات‭ ‬الأسر‭ ‬عادةً‭ ‬باختلاف‭ ‬الشعوب‭ ‬والثقافات،‭ ‬وقد‭ ‬تتشعب‭ ‬في‭ ‬الاختلاف‭ ‬حتى‭ ‬ضمن‭ ‬حدود‭ ‬شعب‭ ‬أو‭ ‬ثقافة‭ ‬واحدة‭.‬

ربما‭ ‬لم‭ ‬تقم‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬ماما‮»‬‭ ‬بتقديم‭ ‬جميع‭ ‬أنواع‭ ‬الأسر‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬العثور‭ ‬عليها‭ ‬ضمن‭ ‬المجتمع‭ ‬المصري،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬أمثلة‭ ‬لمواقف‭ ‬وصراعات‭ ‬يكاد‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬منها‭ ‬أي‭ ‬بيت‭ ‬مصري‭.‬

عُرِضَت‭ ‬المسرحية‭ ‬على‭ ‬مسرح‭ ‬الفلكي‭ ‬بحرم‭ ‬الجامعة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بميدان‭ ‬التحرير‭ ‬لمدة‭ ‬أسبوع‭ (‬من‭ ‬‮١٢‬‭-‬‮١٥‬‭ ‬ومن‭ ‬‮٢٠‬‭-‬‮٢٣‬‭ ‬سبتمبر‭)‬،‭ ‬وسط‭ ‬حضور‭ ‬كبير‭.‬

يتم‭ ‬استعراض‭ ‬المسرحية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عائلة‭ ‬الفيومي‭ ‬التي‭ ‬تنتمي‭ ‬إلى‭ ‬طبقة‭ ‬اجتماعية‭ ‬ومادية‭ ‬راقية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أصدقائهم‭ ‬وخادمتين‭ ‬وسائق‭ ‬خاص‭ ‬يعملون‭ ‬لحسابهم‭.‬

‭ ‬يحاول‭ ‬السائق‭ ‬إغوائهن‭ ‬بأي‭ ‬طريقة،‭ ‬ظنًّا‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬عملهن‭ ‬في‭ ‬الخدمة‭ ‬المنزلية‭ ‬سيجعلهن‭ ‬متقبلات‭ ‬لذلك‭.‬

‭ ‬يهدف‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬لفت‭ ‬الانتباه‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬الممارسات‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭.‬

وتوالت‭ ‬الأحداث‭ ‬لتعكس‭ ‬تدرج‭ ‬علاقة‭ ‬تلك‭ ‬الأسرة‭ ‬في‭ ‬التعقيد‭ ‬منذ‭ ‬انتقال‭ ‬الابن‭ ‬وزوجته‭ ‬وأولاده‭ ‬للعيش‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬العائلة‭ ‬الكبير‭ ‬حتى‭ ‬يتم‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬تجهيز‭ ‬منزلهم‭ ‬الجديد‭.‬

يذكر‭ ‬أن‭ ‬العلاقات‭ ‬الأسرية‭ ‬ليست‭ ‬وحدها‭ ‬محور‭ ‬المسرحية،بل‭ ‬إن‭ ‬وجود‭ ‬ثلاث‭ ‬شخصيات‭ ‬تنتمي‭ ‬للطبقة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والمادية‭ ‬الفقيرة‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬أفراد‭ ‬عائلة‭ ‬الفيومي‭ ‬التي‭ ‬تتمحور‭ ‬حولها‭ ‬المسرحية‭ ‬وساعد‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬إظهار‭ ‬ما‭ ‬بطن‭ ‬من‭ ‬صراعات‭ ‬طبقية‭ ‬في‭ ‬مصر‭.    ‬

تضمنت‭ ‬المسرحية‭ ‬أيضًا‭ ‬بضعة‭ ‬إسقاطات‭ ‬علي‭ ‬الوضع‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬الحالي‭ ‬في‭ ‬مصر‭.‬

‭ ‬قالت‭ ‬ندى‭ ‬محمد،‭ ‬طالبة‭ ‬طب‭ ‬أسنان‭ ‬بجامعة‭ ‬عين‭ ‬شمس‭ ‬في‭ ‬عامها‭ ‬الأخير‭ ‬وإحدى‭ ‬الحاضرات،‭  ‬للقافلة‭: ‬‮«‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬دبر‭ ‬بها‭ ‬محسن‭ (‬الجد‭) ‬انتقامه‭ ‬من‭ ‬مدحت‭ (‬السائق‭) ‬بعد‭ ‬محاولته‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬رومانسية‭ ‬بزينب‭ (‬الحفيدة‭) ‬كانت‭ ‬غير‭ ‬أخلاقية‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬والشيء‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬ساعده‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬خطته‭ ‬هو‭ ‬أمواله‭ ‬الكثيرة‮»‬‭.‬

قال‭ ‬أحمد‭ ‬العطار،‭ ‬مخرج‭ ‬وكاتب‭ ‬المسرحية‭: ‬‮«‬الهدف،‭ ‬كما‭ ‬عودتكم‭ ‬في‭ ‬أعمالي‭ ‬المسرحية،‭ ‬هو‭ ‬كشف‭ ‬علاقات‭ ‬السلطة‭ ‬المعقدة‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬تعاملاتنا‭ ‬مع‭ ‬بعضنا‭ ‬البعض‭ ‬ومسؤوليتنا‭ ‬المشتركة‭ ‬عن‭ ‬الأحداث‭ ‬وعجزنا‭ ‬الجماعي‭ ‬أمام‭ ‬تلك‭ ‬الأنماط‮»‬‭.‬

علي‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬حصول‭ ‬الذكور‭ ‬والإناث‭ ‬من‭ ‬شخصيات‭ ‬المسرحية‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬الحيز‭ ‬والوقت‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬تركيز‭ ‬أحداث‭ ‬المسرحية‭ ‬المحورية‭ ‬كان‭ ‬علي‭ ‬السيدات،‭ ‬وبالأخص‭ ‬هند‭ (‬الجدة‭ ‬وبطلة‭ ‬المسرحية‭) ‬وعلاقتها‭ ‬بدينا‭ (‬زوجة‭ ‬الابن‭)‬،‭ ‬وتدرج‭ ‬تلك‭ ‬العلاقة‭ ‬في‭ ‬التعقيد‭ ‬حتى‭ ‬تنجح‭ ‬دينا‭ ‬في‭ ‬سحب‭ ‬السلطة‭ ‬الأموية‭ ‬من‭ ‬هند‭.‬

شرحت‭ ‬نجلاء‭ ‬أحمد،‭ ‬سيدة‭ ‬أعمال‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬الحضور‭: ‬‮«‬لفت‭ ‬نظري‭ ‬أن‭ ‬هند‭ ‬اعتادت‭ ‬الجلوس‭ ‬على‭ ‬مقعد‭ ‬معين‭ ‬في‭ ‬صالون‭ ‬منزل‭ ‬العائلة،‭ ‬ولكن‭ ‬بنهاية‭ ‬المسرحية،‭ ‬بعد‭ ‬موت‭ ‬زوجها‭ ‬محسن،‭ ‬تستولي‭ ‬دينا‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬المقعد‭ ‬وترفض‭ ‬الانصياع‭ ‬لطلب‭ ‬كريم‭ (‬الابن‭) ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تغير‭ ‬مكانها،‭ ‬وبدأ‭ ‬ذلك‭ ‬لي‭ ‬كإشارة‭ ‬لاستيلاء‭ ‬دينا‭ ‬على‭ ‬مركز‭ ‬القوة‭ ‬العائلي‭ ‬من‭ ‬هند‮»‬‭.‬

رأت‭ ‬أحمد‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يشير‭ ‬لهزيمة‭ ‬هند‭ ‬وفقدانها‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬عائلتها‭ ‬بالطريقة‭ ‬التي‭ ‬تروق‭ ‬لها،‭ ‬وعدم‭ ‬قدرتها‭ ‬علي‭ ‬تحويل‭ ‬دينا‭ ‬إلى‭ ‬نسخة‭ ‬مصغرة‭ ‬منها‭.‬

تناقش‭ ‬المسرحية‭ ‬واقعًا‭ ‬مصريًّا،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأحداث‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬رضوخ‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬للنظام‭ ‬الأبوي‭ (‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬الزوج‭ ‬و‭/‬أو‭ ‬الأب‭) ‬ومثيله‭ ‬الأمومي‭ (‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬الأم‭ ‬و‭/‬أو‭ ‬الجدة‭) ‬في‭ ‬آنٍ‭ ‬واحد،‭ ‬مع‭ ‬تحكم‭ ‬كل‭ ‬نظام‭ ‬فيهما‭ ‬في‭ ‬أنماط‭ ‬معينة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭.‬

حتى‭ ‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬ينتمون‭ ‬للعالم‭ ‬العربي‭ ‬لن‭ ‬يجدوا‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬محتوى‭ ‬المسرحية،‭ ‬سواء‭ ‬رسالتها‭ ‬أو‭ ‬لغتها،‭ ‬فمشاكل‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬المنظور‭ ‬العائلي‭ ‬تكاد‭ ‬تكون‭ ‬واحدة‭.‬

‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المسرح‭ ‬كان‭ ‬مزوّدًا‭ ‬بشاشة‭ ‬لعرض‭ ‬ترجمة‭ ‬إنجليزية‭ ‬للحوار‭.‬

يذكر‭ ‬أن‭ ‬المسرحية‭ ‬عرضت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬في‭ ‬ثماني‭ ‬دول‭ ‬أوروبية،‭ ‬أبرزها‭ ‬فرنسا‭ ‬وهي‭ ‬الجزء‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬سلسلة‭ ‬مسرحيات‭ ‬ثلاثية‭ ‬لأحمد‭ ‬العطار‭ ‬عن‭ ‬العائلة،‭ ‬بعد‭ ‬‮«‬العشاء‭ ‬الأخير‮»‬‭ ‬وانتظار‭ ‬عمي‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬أمريكا‮»‬‭.‬

اشترك‭ ‬في‭ ‬التمثيل‭ ‬منحة‭ ‬البطراوي‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬هند،‭ ‬وناندا‭ ‬محمد‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬دينا‭.‬