14 مايو 2025, الأربعاء

الـهــضـبـــة ضيف الــجــامـــعــة الأمــريــكيـــة: لــيــلــة مــنــتظــرة بــأســعــار صـــادمـــة

  • ترجمة: محمد العرشي
  • تصوير: عمر أبوزيد

لطالما كانت الحفلات الموسيقية في الحرم الجامعي وسيلة ترفيهية لطلاب الجامعات المصرية، خاصة في فترات ما قبل الامتحانات، إذ تمنحهم لحظات من البهجة بعيدًا عن ضغوط المذاكرة. إلا أن حفلة هذا الفصل الدراسي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة (AUC)، والتي يُحييها النجم الكبير عمرو دياب في ١٦ مايو تحت عنوان “Polaroid”، أثارت جدلًا واسعًا بين الطلاب، ليس بسبب الحماس، بل بسبب أسعار التذاكر.

انطلقت عملية بيع التذاكر يوم ١٥ أبريل عبر موقع “تذكرتي” وفريق مبيعات الجامعة، وتم بيعها على مراحل، حيث طُرحت كل موجة بعدد محدود من التذاكر بأسعار محددة ارتفعت تدريجيًا. بدأت الأسعار في المرحلة الأولى من ١٠٠٠ جنيه للتذكرة العادية، و١٨٥٠ جنيه لمنطقة الـ Fanpit، و٦,٠٠٠ إلى ٧,٠٠٠ جنيه لفئة الـVIP، وصولًا إلى ١٥٠ ألف جنيه للجناح الخاص. وفي الموجة الثانية، ارتفعت الأسعار إلى ١,٢٠٠ جنيه للتذكرة العادية و٢,١٥٠ جنيه للـ Fanpit، فيما لم تتغير أسعار الـVIP والجناح الخاص.

ملك أيوب، طالبة في السنة الأخيرة بتخصص المحاسبة، تقول إن حفلات الجامعة كانت دائمًا تجسد روح الحياة الطلابية المنفتحة والمشتركة، لكنها تشعر الآن أن هذه الروح قد تلاشت. وأضافت: “حين ترتفع الأسعار بهذا الشكل، يتوقف الحدث عن كونه شاملًا. من المفترض أن تجمع هذه الفعاليات جميع الطلاب لا أن تقتصر على فئة بعينها”. واتفقت معها زميلتها ملك رفاعي، طالبة بكلية الاقتصاد، إنها فوجئت بشدة عند سماع أسعار التذاكر، مضيفة: “كان من المفترض أن تكون الأسعار مناسبة للطلاب وفي متناول أيديهم.”

لقد بدأ البعض يتساءل إن كان اتحاد الطلاب قد فقد صلته بما يعيشه الطلاب على أرض الواقع. غير أن منظمي الحفل من اتحاد الطلاب لم يتجاهلوا هذا النقد، بل توقعوه مسبقًا. جود الهادي، رئيسة مبيعات التذاكر في الاتحاد وطالبة في قسم الاتصالات التسويقية، عبّرت عن تفهّمها لاعتراضات الطلاب، معتبرة أنه من “العادل” أن يروا الأسعار مرتفعة. لكنها أوضحت أن هذه الأرقام لم توضع عشوائيًا، بل جاءت بناءً على دراسة لأسعار حفلات عمرو دياب في السنوات الأخيرة.

وأضافت: “أن تذكرة الـVIP لدينا أرخص من حفله الأخير للجمهور”. حيث أن أسعار تذاكر الـVIP في حفلتي الهضبة الأخيرتين، سواء في “كايرو جيت” أو في مهرجان العلمين الذي أُقيم في ٩ أغسطس ٢٠٢٤ في أرينا الساحل الشمالي، تراوحت بين ١٢٬٠٠٠ و١٥٬٠٠٠ جنيه حسب نوع التذكرة.

وتابعت جود قائلة إن محبي عمرو دياب المخلصين فقط هم من يدركون هذه التفاصيل، فهم يتابعون تطورات أسعار حفلاته منذ سنوات. وأكدت أن اتحاد الطلاب متمسك بقراراته نظرًا لمتطلبات الإنتاج، والعقبات اللوجستية، والأجر الذي يتقاضاه الفنان. ووفقًا لمقارنات أسعار حفلاته، فإن تكلفة حفله في الجامعة الأمريكية بالقاهرة تعتبر في النطاق الطبيعي نفسه.

رغم ذلك، لم تُطفئ هذه التبريرات استياء الطلاب الذين لا يزالون يرون أن الحفل لم يعد في متناولهم، وتساءل بعضهم ما إذا كان يمكن اتباع نهج أكثر إبداعًا مثل توفير خصومات للطلاب. فالمشكلة، كما يراها الكثيرون، لا تتعلق فقط بالمال، بل بفقدان شعور الانتماء لمجتمع الجامعة.

ففي جامعات أخرى مثل الجامعة البريطانية في مصر (BUE)، يدفع الطلاب أسعارًا أقل أو يحصلون على دخول مجاني حسب الفنان، بينما نظّمت الجامعة الأوروبية في مصر (EUE) حفلًا لتامر حسني عام ٢٠٢٣ مجانًا بالكامل للطلاب، ومنحتهم تذاكر محدودة لدعوة من يرغبون.

وأوضحت الهادي أن فكرة تقديم خصم خاص لطلاب الجامعة طُرحت، لكنها صعبة التنفيذ، ليس بسبب القبول الجامعي، بل لعدم عدالة ذلك في حق غير الطلاب، خاصة أن الجامعة تنظم فعاليات مجانية عديدة لطلابها فقط، مثل حفلة الترحيب التي أحيتْها الفنانة روبي مؤخرًا. في المقابل، فقد بعض الطلاب الأمل في حضور الحفل، بينما قرر آخرون ببساطة التظاهر بالحضور أو الاكتفاء بالاستماع إليه من بُعد.

فرح حسن، طالبة في كلية الاتصالات التسويقية، تقول مازحة: “سأرتدي ملابس الحفلة وأتظاهر أنني هناك، وإذا كنت محظوظة قد أسمعها من السكن”.

أما روكيا رضوان، طالبة في كلية علم النفس، فعبّرت عن مشاعر التهميش قائلة: “كان من المفترض أن يكون هذا الحدث للجميع، لكنه الآن يبدو وكأنه لفئة معينة من الطلاب”. وتابعت: “نحن لا نطلب الدخول مجانًا، فقط نريد أن يكون لنا مزايا عن الجمهور الخارجي”.

لكن على الجانب الآخر، يرى بعض الطلاب أن السعر منطقي نسبيًا. تقول هنا كمال، طالبة في كلية الإعلام: “أعلم أن البعض يرى أن السعر مرتفع، لكنه منطقي مقارنة بأسعار حفلاته خارج الجامعة. وبصفتي من كبار معجبيه، اشتريت التذكرة فورًا”.

ومع اقتراب ١٦ مايو، لا تزال التذاكر تُباع رغم الجدل. وقد أبلغ اتحاد الطلاب صحيفة “القافلة” أن المعجبين الحقيقيين هم من يشترون التذاكر، مؤكدًا أن الإقبال كان كبيرًا جدًا، وأن السعة المخصصة للحفل كبيرة. ومع ذلك، بالنسبة لكثيرين ممن لم يتمكنوا من الحضور، تبقى هذه الفعالية لحظة فرح بطعم مرّ.

تقول ميرنا الكفراوي، طالبة  في كلية التسويق في سنتها الأخيرة: “هذا الفنان رافقنا في أفراحنا وأحزاننا… والآن يأتي إلى جامعتنا ولا يمكننا حضوره؟ هذا محزن جدًا”.