- ترجمة: خالد مجدي
- تصوير: ملك حسني
أثار أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التنفيذي بفرض تعريفات جمركية على الحلفاء والخصوم على حد سواء في الثاني من أبريل صدمة لدى العديد من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة والأسواق العالمية.
في الأسابيع القليلة الماضية، فرض تعريفات جمركية بنسبة 10٪ على الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية، إلى جانب تعريفات إضافية بنسبة 25٪ على الصلب والألمنيوم والسيارات القادمة من الاتحاد الأوروبي، وفرض تعريفات بنسبة 145٪ على الصين، على سبيل المثال لا الحصر.
وقد تسببت هذه الخطوة في اضطراب البورصات العالمية، حيث انخفضت الأسهم والدولار الأمريكي، في حين سجلت أسعار الذهب أعلى مستوياتها على الإطلاق. ومن المتوقع أن تمتد التأثيرات غير المباشرة لهذه التعريفات إلى دول عديدة حول العالم، بما في ذلك مصر، التي تعاني بالفعل من حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي.
وفقًا لمؤسسة أوكسفورد إيكونوميكس، فإن التعريفات الجمركية هي ضرائب تفرضها الحكومة على السلع والخدمات المستوردة من دول أخرى. وعادة ما تكون نسبة مئوية من سعر السلعة. فعلى سبيل المثال، فإن التعريفة بنسبة 10٪ على منتج يبلغ سعره 300 جنيه تعني 30 جنيهًا إضافيًا. ويتم تحميل هذا المبلغ الإضافي إما على المُصنّع أو يُمرر إلى المستهلك عبر رفع السعر. وهذه هي المشكلة التي يواجهها حاليًا المصدرون المصريون والعديد من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، حيث أصبحت صادراتهم أغلى من منافسيهم المحليين داخل السوق الأمريكية.
منذ أوائل أبريل، أعلن ترامب أيضًا عن فرض تعريفات جمركية أعلى على الواردات القادمة من 60 دولة، لم تكن مصر من بينها. ومع ذلك، فلن تدخل هذه التعريفات حيز التنفيذ قبل مرور 90 يومًا، باستثناء الصين التي تخضع حاليًا لتعريفات بنسبة 145٪، بحسب شبكة سي بي اس نيوز.
وفي ردها على التعريفات، أعلنت وزارة التجارة الصينية أن بكين “تعارض بشدة” هذه الإجراءات وستتخذ “إجراءات مضادة لحماية حقوقها ومصالحها”، وفقًا لوكالة رويترز. أما عن رد الاتحاد الأوروبي، فقد صرحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن ” الاتحاد يُعد الآن إجراءات مضادة إضافية لحماية مصالحه وشركاته إذا فشلت المفاوضات”.
ورغم أن مصر لم تكن من الدول التي فُرضت عليها تعريفات جمركية أعلى من نسبة الـ10٪ الأساسية، إلا أن المخاوف من ركود اقتصادي عالمي وحرب تجارية متصاعدة في تزايد، ويشعر المصريون بالقلق بشأن إمكانية تأثر اقتصادهم وسط هذه التوترات.
وبحسب مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة، بلغ إجمالي واردات مصر السنوية من الولايات المتحدة في عام 2024 نحو 6.1 مليار دولار، في حين بلغ حجم صادراتها إلى الولايات المتحدة 2.5 مليار دولار.
وأوضح الدكتور عمرو عدلي، أستاذ الاقتصاد السياسي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن الولايات المتحدة ليست من الشركاء التجاريين الرئيسيين لمصر.
وقال: “مصر تستورد من الولايات المتحدة أكثر مما تصدر لها، ولهذا السبب لم تُفرض عليها تعريفات جمركية مرتفعة. مصر لا تحقق فائضًا تجاريًا كبيرًا مع الولايات المتحدة، لذا فإن التأثير المباشر على الاقتصاد المصري لن يكون كبيرًا”.
ومع ذلك، فإن التأثير غير المباشر لا يمكن تجاهله.
وبحسب موقع إنتربرايز، وهو منصة إخبارية مقرها القاهرة تُعنى باقتصاديات وصناعات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن الحرب التجارية العالمية ومخاوف تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي دفعت مؤسسة أوكسفورد إيكونوميكس إلى خفض توقعاتها لنمو الاقتصاد المصري بمقدار 0.1 نقطة مئوية.
وتتوقع المؤسسة الآن أن يبلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لمصر 4.1٪ في عام 2025.
وقال عدلي: “التأثير غير المباشر أكثر أهمية، إذ من المرجح أن تؤدي هذه التعريفات إلى ارتفاع التضخم العالمي وتباطؤ في نمو الاقتصاد العالمي، ما سينعكس على مصر في صورة تضخم محلي أعلى بسبب اعتمادنا الكبير على الاستيراد”.
ورغم التأثيرات السلبية للتعريفات على نمو الاقتصاد المصري، فإنها قد تفتح الباب أيضًا لفرص في بعض القطاعات، مثل قطاع الملابس الجاهزة، من خلال جذب استثمارات أجنبية. وأوضح عدلي أن منتجي الملابس في آسيا قد ينقلون جزءًا من إنتاجهم إلى مصر للاستفادة من التعريفات المنخفضة.
واتفقت الدكتورة نهى عمر، أستاذة مساعدة بقسم الاقتصاد، مع عدلي، لكنها شددت على أن مصر يجب أن “تسرّع وتيرة الإصلاحات لتحسين مناخ الاستثمار، والخدمات اللوجستية، ودعم الصادرات، وتوفير الحوافز لتأسيس المصانع، والتمويل الصناعي، ودعم المشروعات الصغيرة لزيادة الطاقة الإنتاجية” حتى تتمكن من استغلال هذه الفرصة بالكامل.
ومن الفوائد المحتملة أيضًا لخفض التعريفات، زيادة صادرات مصر من الملابس الجاهزة إلى الولايات المتحدة.
وأوضحت نهى: “حتى مع فرض تعريفات بنسبة 10٪، تظل صادرات مصر من الملابس أكثر تنافسية مقارنة بدول مثل الصين وفيتنام وبنغلاديش، التي تواجه تعريفات جمركية أعلى بكثير. ويقدّر قادة الصناعة أن صادرات مصر من الملابس إلى الولايات المتحدة قد ترتفع بنسبة تتراوح بين 25 و30٪ في المستقبل القريب”.
وفي ضوء هذه التعريفات، قد تفكر مصر في تنويع أسواق تصديرها من خلال السعي لدخول أسواق جديدة بعيدًا عن الأسواق الغربية لحماية مصالحها الاقتصادية.
وقالت نهى: “يجب على مصر أن تنوّع وتقوي شراكاتها التجارية خارج نطاق الولايات المتحدة، من خلال تفعيل التكامل الإقليمي مع تكتلات تجارية مثل منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA) والسوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (COMESA) للوصول إلى أسواق جديدة”.
وأضافت أن مصر تحاول جذب استثمارات أجنبية من الدول التي تضررت بشدة من التعريفات الأمريكية مثل الصين وتركيا وفيتنام، بهدف أن تصبح مركزًا صناعيًا وتصديريًا للمنطقة.