Uncategorized

مؤثرو مواقع التواصل الاجتماعي يثيرون سخط المتابعين عقب زلزال المغرب

تحرير: أدهم قناوي 

صورة التقطها عمر أبوزيد

شهد إقليم الحوز بالمغرب في الثامن من سبتمبر الجاري حوالي الساعة الحادية عشرة وإحدى عشر دقيقة بالتوقيت المحلي زلزالا بقوة ٦.٨ ريختر، وُصف بأنه الأعنف في تاريخ البلاد، وخلف أكثر من ألفي قتيل وآلاف الجرحى. 

لتجتاح بعدها مواقعَ التواصل الاجتماعي صور ومقاطع فيديو رفعها مؤثرون أثناء تطوعهم في قرى إقليم الحوز التي ضربها الزلزال. وأثارت الصور استهجان العديد من رواد هذه المنصات، واعتبروها اعتداء على خصوصية سكان المناطق المنكوبة وخاصةً الأطفال. كما رآها العديد منهم ذريعة من المؤثرين لاستعطاف المشاهدين وزيادة المتابعة بدل كونها وسيلة للتوعية بجلل الكارثة أو الحث على التبرع.

توثق بعض الصورالأطفال وهم يتلقون المساعدات من المؤثرين، بينما البعض الآخر يظهر طفلات جميلات الملامح مرفقة بتعليقات من قبيل “ماشا الأطلس” أو “انظروا براءتهن.” ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل نشر أحد المؤثرين قصة له على حسابه الشخصي في انستغرام؛ حيث التقط صورة برفقة إحدى الطفلات كاتبًا عليها الآتي: “لم ترد أن تأتي معي إلى الدار البيضاء، ولكن بعد ذلك همست في أذني أننا سنتزوج حين تكبر”.

انقسمت ردة فعل ناشطي وسائل التواصل الاجتماعي بين من رآها لفتة حميدة تعبرعن خدمة هؤلاء المؤثرين لمجتمعهم خصوصاً وأنهم تنقلوا من مدن بعيدة للمناطق المنكوبة لتقديم يد المساعدة، إضافة إلى كون التوثيق عملهم الرئيسي، وبين من اعتبرها مكسباً شخصياً يسوقون من خلاله لصورتهم الشخصية غير مبالين بأخلاقيات التقاط الصور، والحفاظ على كرامة وخصوصية المتضررين. وسرعان ما تنامت موجة الرفض بعد تداول منشورات تسيء لنساء وأطفال المناطق المنكوبة، وتحرض على الزواج من القاصرات، جرى إثرها اعتقال طالب عشريني نشر تدوينات مماثلة، مما جعل ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي ينادون بمنع تصوير الأطفال وحمايتهم من الاستغلال. وقد نددت جمعيات المجتمع المدني بخطورة هذه الممارسات التي تعرض الفئات الهشة لخطر الاتجار بالبشر، والاختطاف والبيدوفيليا أو اضطراب الرغبة في الأطفال.

عبرت شيماء الرافعي، طالبة مغربية بالسنة الثالثة بقسمى الاقتصاد وعلم الاجتماع بالجامعة، عن استنكارها لما يحدث على مواقع التواصل من تداول لصور الأطفال: “كنت أتابع منشورات لأناس لا يزال الدم على وجوههم، وأطفال يتم تصويرهم ومعانقتهم وتقبيلهم. أنت لديك عشرة آلاف متابع أو أكثر، وتظهر للجميع مكان أولئك الأطفال الأيتام وكيف يبدون، ثم بعد ذلك نتفاجأ بأشخاص يريدون خادمات بيوت والزواج من طفلات”. أضافت “أنا مع التوعية، لكن هنالك خيط رفيع بين إظهار الواقع والمتاجرة بمآسي الناس.” 

أكد يسري مصطفى، مدير تنفيذي سابق بالمنظمة المصرية لحقوق الإنسان وناشط في قضايا المجتمع المدني، على ضرورة أخذ الموافقة قبل نشر صور الضحايا على مواقع التواصل الاجتماعي وأوضح أن “الموافقة ترتبط بوعي الشخص وأهليته القانونية، والطفل لا يملك القدرة على منحها نظرًا لمرحلته العمرية”. أضاف مصطفى: ” إنهم أطفال صغار في أزمة، واقعون تحت الرغبة في الخلاص، موافقتهم هنا لا تعني شيئاً، استغلالهم هو القائم.” عقَب مصطفى برأيه عن استعمال وسائل التواصل الاجتماعي في الأزمات قائلا، “استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ليس خطأ، كي لا نقيد رغبة البعض لطلب المساعدة، أو نحد من حرية الذين يقومون بأشياء إيجابية لصالح ضحايا الكوارث الإنسانية”.

أوضح علاء الدين عبد النبي، مصور سابق لدى رويترز حيث عمل في تغطية الحروب والكوارث، أنه “في العادة حينما تغطي كارثة أو صراعًا، يسعى بعض الناس إلى الظهور، إذ بذلك يظهرون للعالم أنهم في حاجة للمساعدة، ولأن الكارثة تقع في مكان مفتوح، ليس هناك ضرورة لأخذ الإذن قبل التصوير”.

أما الأفراد الذين لا ينتمون للجهات الإعلامية وينشرون صور الضحايا على حساباتهم الشخصية فيقول عبد النبي: ” الطريقة الوحيدة لوقف هذا بأن يُصدر قانون يساعد على ذلك أو أن البلد الأم ترفض النشر”. أضاف أن “تويتر يستطيع تجميد حسابات معينة، لكن الأمر نفسه لا ينطبق على فيسبوك مثلًا. لذلك لا تستطيع حتى ملاحقة هؤلاء الأشخاص قضائياً”.

كانت القرى والمداشر من أكثر المناطق المتضررة من الزلزال، وما زاد الطين بلة هو وعورة الطرق وانقطاعها نظرا للطبيعة الجبلية هناك، مما حال دون وصول فرق الإغاثة في الساعات الأولى من الكارثة. 

لذلك هب آلاف المغاربة لتقديم الدعم للمناطق المنكوبة عن طريق جمع التبرعات وتوفير ونقل المواد الأساسية التي يحتاجها سكان القرى، ولازالت تشهد فترة ما بعد الزلزال تآزرا وإيثارا منقطعي النظير، لم يدخر فيها المتطوعون جهدهم ووقتهم ومالهم لتخفيف هول وطأة الزلزال على ضحاياه.