EducationFeaturedHome Pageالقافلة

التعليم الجامعي بعدسة مختلفة

كتبت: مارتينا معوض
ترجمة: إنجي أكرم وبسنت شحاتة 

من منا لم يعاني من الكوابيس بسبب حساب التفاضل والتكامل؟ من منا يحب الرياضيات؟  لكن الدكتور داود السنيورة، الأستاذ المساعد في قسم الرياضيات والعلوم الإكتوارية، يمكنه إقناعك بالتحويل إلى تخصص الرياضيات – عن طيب خاطر وذلك بتفكيك الوصمة المقترنة بصعوبة الرياضيات.

فعند الانضمام إلى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، يتم إخبار كل طالب بنفس الشيء؛ ” ابتعد عن الرياضيات”. وهنا يشعر العديد من الطلاب بالخوف من أن الرياضيات لن تؤدي إلا لتدمير معدلهم التراكمي (GPA) ولن يستطيعوا الالتحاق بالتخصص الذي يرغبون به بسببها. 

يؤدي هذا الخوف الموروث إلى تدني مستوى الطلاب في الرياضيات بنسبة أسوأ من قدرتهم الفعلية لمجرد أنهم يفترضون أن ذلك ما سيحدث. ثم تستمر هذه الحلقة المفرغة عندما ينشر الطلاب السابقون تلك الأيديولوجية المحفوظة للطلاب الجدد الذين يعتبرون الرياضيات بمثابة الوحش الأكبر في رحلتهم الجامعية. ينتج عن ذلك تجنب فصول الرياضيات بشدة في الجامعة.

قال سنيورة “أريد أن يرى الناس الرياضيات كنشاط فكري؛ بنفس الطريقة التي ينظرون بها إلى الأدب أو الفن أو الفلسفة.”

أراد سنيورة، بصفته طالبًا وافدًا بالجامعة الأمريكية بالقاهرة من القدس عاصمة فلسطين، دراسة الرياضيات والفيزياء. لكن انتهى به الأمر بدراسة الهندسة بسبب “الضغط المجتمعي”. ومع ذلك، يدعي أن معظم دورات الرياضيات التي درسها في ذلك الوقت لا تزال غير مرضية له كما كان يأمل.

يعترف سنيورة أن جملة واحدة فقط قالها له رئيس قسم الرياضيات مجدي مصطفى هي التي غيرت حياته؛ “لماذا لا تتخصص في الرياضيات؟”. بعد ذلك، بدأ سنيورة رحلته مع الرياضيات كطالب بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، ثم حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الرياضيات.

وأضاف سنيورة: “بدأت أرى الأفكار وأحلم بها بعد أن أخذت فصل واحد فقط؛ الرياضيات المنفصلة.”

عاد سنيورة إلى الجامعة الأمريكية بالقاهرة في عام ٢٠١٩ لتدريس نفس الفصل الذي عزز شغفه بالرياضيات. فهو يدعي أن الرياضيات لا ينبغي أن تُدرس فقط كمعادلات وصيغ، بل يجب تقديمها كطريقة جديدة للتفكير أو كتطوير لتقنيات جديدة لمعالجة المشكلات.

“الرياضيات مثل الخلايا الجذعية؛ إنها المادة الخام لأي علم،” أوضح سنيورة. “إذا فهمت الرياضيات، فيمكنك وفقًا لذلك القيام بأي شيء بدايةٌ من علوم الكمبيوتر إلى الاقتصاد وحتى الفن”.

وبسبب طريقته الفريدة في تدريس الرياضيات، يغير العديد من الطلاب طريقة تفكيرهم حول هذا المجال بعد أخذ فصل واحد فقط معه. قالت نغم مكي، طالبة في سنتها الثالثة بعلوم الكمبيوتر للقافلة، “أعاد الدكتور داود إحياء حبي للرياضات”.

وأضافت مكي: “قبل أن آخذ صفي الأول مع الدكتور داود، لم أفكر مطلقًا في التخصص في الرياضيات. ومع ذلك، عندما درست معه الرياضيات المنفصلة، كان يشرح لنا المفاهيم بطريقة واضحة وسهلة الفهم. لقد شجعنا دائمًا على الرغبة في معرفة المزيد وفهم المحتوى. وبسبب ذلك، كان يدفعنا إلى التفكير في تخصص ثانوي أو حتى تخصص مزدوج في الرياضيات.”

سنيورة، الذي يبذل جهدًا إضافيًا لمصلحة طلابه، يتحدث أيضًا إلى مكتب المنح الدراسية للسماح لطلابه بالتخصص الفرعي أو الثانوي في الرياضيات. كما أنه يرسل سنيورة خططًا تفصيلية لطلابه حول المقررات التي يجب أن يأخذونها لإنهاء تخصص الرياضيات كتخصص ثانوي أو مزدوج بأقل عدد ممكن من الساعات المعتمدة الإضافية حتى يتمكن أي شخص من الانتهاء من التخصص دون الحاجة لإضاعة المزيد من الساعات المعتمدة.

قال مصطفى لطفي، طالب بكلية الهندسة، قسم الكمبيوتر، ودرس كلاً من الرياضيات المنفصلة والجبر الخطي مع سنيورة “يطمح العديد من الطلاب إلى تعلم المزيد عن الرياضيات بعد الالتحاق بمحاضرات سنيورة لأن شغفه يثير فضولهم ويدفعهم إلى تعلم المزيد.”

يعتقد سنيورة أن مواد الرياضيات، مهما بلغت صعوبتها٬ يمكن أن تكون ممتعة إذا ركزنا أكثر على التطبيقات. وكيف يمكن لحساب التفاضل والتكامل، على سبيل المثال، أن يساعد في الحياة اليومية مثل التفكير في الحد الأدنى من التكلفة لتصميم علبة الكوكا كولا. ويؤكد كيف أن تعلم الرياضيات يساعد الطلاب علي تحليل الجمل والكلمات واكتساب مهارات الاستنتاج.

ويضيف: “إنها تجعل عقلك آلة فعالة”.

تقدير الطلاب لعملية إعادة تشكيل عقلية المرء هو ما يجعل طلاب سنيورة يحافظون على علاقة قوية معه حتى بعد إنهاء فصولهم. فأوضح سنيورة “حلمي هو أن أرى علماء عرب في الرياضيات. لقد ذهبت إلى مؤتمرات في جميع أنحاء العالم وبالكاد تجد عالمًا أو اثنين من علماء الرياضيات العرب من بين مئات الجنسيات.” 

يعتقد سنيورة أن التاريخ العربي والمصري أظهر لنا دليلاً على تميزنا في الرياضيات٬ وأصبح علم الرياضيات متواجد بسبب تاريخنا الخاص به٬ بدايًة من المصريين الذين استخدموا الرياضيات لتصميم الأهرامات، والخوارزمي إلى هيباتيا في الإسكندرية. فهو يعتقد أننا احتفظنا ذات مرة بالقوة العالمية الرياضية، ويأمل أن يحدث ذلك مرة أخرى في المستقبل القريب.