Uncategorized

هل نلوم الدين على أخطائنا أم نلوم أنفسنا؟

تقرير: مهند أبو سريع

في اليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا، أود أن ألقي الضوء على هذا الموضوع من جهة ربما لم تخطر على بال البعض من قبل.

في البداية، الإسلاموفوبيا هو مصطلح يستخدم لوصف التحامل والكراهية والخوف من الإسلام والمسلمين، يتألف المصطلح من كلمتين: “إسلام”، وهي كلمة عربية، و “فوبيا”، وهي كلمة يونانية تعني الخوف، وتترجم بشكل عام إلى الخوف من الإسلام أو الخوف من المسلمين.

بدأ مصطلح الإسلاموفوبيا في الانتشار مع أحداث الإرهاب التي وقعت في ١١ سبتمبر عام ٢٠٠١، عقب هذه الأحداث أعلن تنظيم القاعدة عن مسؤوليته الكاملة عن الإرهاب الذي سببته الواقعة، وهنا حدث شرخ كبير بين المسلمين والمجتمع الدولي حيث بدأت أمريكا والغرب في كره المسلمين والخوف منهم وسن العديد من القوانين القاسية ضدهم.

ظهرت عواقب سيئة وعنصرية بعد ذلك مثل حظر الأذان في بعض الدول، مثل الصين وميانمار وبعض الدول الأوروبية، وهو الأمر الذي تسبب في حزن المسلمين وغضبهم في تلك الدول. 

ظهرت أيضًا أعمال العنف الطائفي التي شهدتها بعض الولايات الهندية، مثل ولاية جوجارات في عام ٢٠٠٢ حيث تعرض المسلمون لأعمال العنف والاغتصاب والقتل، وفقدوا منازلهم وأعمالهم.

وهناك عواقب وخيمة ما زالت مستمرة حتى الآن مثل مجزرة “روهينغا” في ميانمار التي حدثت في عام ٢٠١٧ حيث تعرض المسلمون هناك للاضطهاد والقتل على يد الجيش الميانماري والميليشيات الموالية له.

بالإضافة إلى ذلك، انتشرت اعتداءات في نيوزيلندا مارس ٢٠١٩ حيث قُتل خمسون شخص في مسجدين في مدينة كرايستشيرش على يد مسلح يميني متطرف.

هناك أيضًا قانون الجنسية المعدل (CAB) الذي أقرته الهند في عام ٢٠١٩، والذي يستثني المسلمين من حق الحصول على الجنسية الهندية، وهو ما اعتبره الناشطون حول العالم تمييزًا عنصريًا ضد المسلمين.

توجد أسباب عديدة للإسلاموفوبيا، ولكن أهمها من وجهة نظري هي ازدواجية المعايير. عندما نرى أعمال إرهابية أو محاولات خطف أو ترهيب فإننا في الأغلب نقوم بربطها بالإسلام، وهذا خطأ كبير لأن الإرهاب ليس له دين. يجب أن نفهم أن الأفعال الإرهابية لا تمثل دينًا أو ثقافة أو جنسية بأكملها.

على سبيل المثال، تقوم منظمة كو كلوكس كلان بالعديد من الأعمال الإرهابية تحت شعار المسيحية والصليب، وهذا لا يعني أن المسيحية هي دين الإرهاب. 

كما أن الحملات السبع الصليبية والمليشيات المسيحية في جنوب السودان تهاجم بعضها بعضًا ويقتلون بعضهم البعض، وهذا لا يعني أن المسيحية هي دين العنف.

وهناك أيضًا العديد من الجماعات الإرهابية اليهودية المتطرفة التي ترتكب العديد من جرائم القتل والحرق والتخريب، وهذا لا يعني أن اليهودية دين القمع.

لماذا يتم توجيه التهم بشكل أساسي إلى الإسلام في حالات الإرهاب والعنف، بينما يتم تجاهل أعمال الإرهاب التي يقوم بها أفراد من ديانات أخرى؟

ينبغي ألا نلصق الإرهاب والتطرف بالإسلام كدين، وعلينا أن نتذكر أن هذه الأفعال لا تعبر عن قيم الإسلام السمحة والسلمية. 

بدلاً من ذلك، علينا أن نعامل كل حالة بشكل فردي وعدم التعميم على ديانة أو عرق أو جنسية، فإن الجرائم ترتكب بواسطة أفراد ويجب معاقبتهم بشكل مناسب بغض النظر عن ديانتهم أو ميولهم.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون الإسلاموفوبيا ناتجة عن عدم فهم الثقافة الإسلامية بشكل صحيح، فقد يؤدي الجهل بالإسلام إلى تكرار الأفكار الخاطئة والتحامل على المسلمين بشكل غير مبرر.

لتحسين هذا الوضع، ينبغي تعزيز التفاهم والتواصل بين الثقافات والأديان، وزيادة الوعي حول قيم ومعتقدات المسلمين.

علاوة على ذلك، يمكن أن يكون للإعلام دور كبير في نشر الإسلاموفوبيا، إذ يمكن أن يقدم الإعلام تصويرًا غير دقيق للإسلام مما يؤدي إلى تشويه الصورة العامة للدين والمجتمع. 

وبالتالي، يتعين على الإعلام أن يتحمل المسؤولية، وأن يتجنب تكرار الصور النمطية والتحامل غير المبرر على المسلمين.

بشكل عام، يجب العمل على تغيير النظرة النمطية للدين، وزيادة الوعي حول القيم والمعتقدات، وتشجيع الحوار والتفاهم بين الثقافات والأديان.

 كما يتعين علينا جميعًا التحلي بالتسامح والاحترام المتبادل، وعدم التحامل على الآخرين بسبب اختلافات دينية أو ثقافية.