Featuredالقافلة

قطاع الصحة في مصر: هل توجد إرادة سياسية لبنائه؟

قطاع الصحة في مصر: هل توجد إرادة سياسية لبنائه؟
قطاع الصحة في مصر: هل توجد إرادة سياسية لبنائه؟

كتب ندى بركة وحازم همام  

وسط توسيع نطاق المستشفيات والمراكز الخاصة يتدهور حال الرعاية الطبية بالقطاع العام فى مصر، ويبقى السؤال علي من تقع المسئولية؟وما هى المشاكل الجذرية التى يجب حلها من أجل الارتقاء بالمستوى الطبى والصحى فى مصر في المستقبل؟

من أجل الحصول على مستوى عالى للرعاية الصحية فى مصرنا الجديدة يجب الوقوف على أكثر المشاكل التى تواجه هذا المجال من أجل العثور على حلول عصرية لها تواكب التطور العالمى. ولعل أهم مشروع، يعمل عليه القطاع العام، هو التأمين الصحى.

يظهر بشكل واضح إزدياد أعداد المستشفيات الخاصة التجارية الغير مدعومة من الحكومة والتى يلجأ إليها القادرين مادياً لتلقى العلاج نظراً لضعف مستوى الرعاية الصحية بالمستشفيات العامة.وجاءت زيادة إنشاء تلك المستشفيات من أجل تعويض ضعف القطاع الطبى الحكومى. فى 2013، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الحكومة المصرية تقوم بدفع 5.5% من إجمالي ميزانية الدولة على قطاع الصحة. ولكن اقرت وزارة الماليه بتقليل النسبة و إعطاء قطاع الصحة سوف يحصل على 3% فقط فى ميزانية الدولة لسنة 2016/2017. على الرغم من أن منظمة الصحة العالمية صرحت بأن متوسط الإنفاق المناسب على هذا القطاع يجب أن يكون بين 8% و10% من إجمالى ميزانية الدولة.   

فقد أكد الدكتور أحمد عماد راضى، عميد كلية طب جامعة عين شمس، أن المستشفيات فى مصر تنقسم إلى “مستشفيات وزارة الصحة، مستشفيات التأمين الصحى، المستشفيات التعليمية، المستشفيات الجامعية والمستشفيات الخاصة.”

فقد أشار راضى إلى مشكلة كبيرة يجب أن تلقى إهتمام من المسؤولين من أجل العثور على حلول عصرية لها حتى يتم تطبيقها فى مصر الجديدة ،ألا وهى مشكلة التأمين الصحى. فقد أقر راضى أن”المشكلة فى مصر الأن هى قطاع التأمين الصحى.”

ذكرت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية على موقعها الإلكترونى، أن 50% من المصريين يحصلون على تأمين صحى كامل من الحكومة المصرية بينما يلجأ 30% للحصول على تأمين خاص.    

فى استطلاع قامت به المعونة الأمريكية عام 2011 فى مصر، وجدت ان 25٪ من مصادر تمويل الرعاية الصحية يعتمد على الإنفاق في مجال الصحة العامة، و72٪ يعتمد على دخل الأسرة، 1٪ يعتمد على مصادر خارجية و2٪ يعتمد على الشركات.

يرى راضى أن “مستقبل مصر يأتى فى تفعيل خطة ناجحة للتأمين الصحى لكل مواطن فى مصر.”  

ضرب راضى عدة أمثلة لدول تفعل خدمة التأمين الصحى بطريقة ناجحة و يجب الإقتضاء بها مثل فرنسا وإنجلترا. ففى فرنسا لكل مواطن فرنسى كارت يعطى له الحق فى العلاج على نفقة الدولة فى المستشفيات العامة.

استعان راضى بمثال أخر وهو نظام التأمين الصحى فى انجلترا ،حيث أن لكل مواطن إنجليزى الحق فى العلاج على نفقة الدولة من خلال المستشفيات الحكومية.

وأضاف راضى أن هذا النظام يتبع مراحل معينة تبدأ من عرض المريض على “طبيب الأسرة” ومن ثم يتم عرضه على الطبيب المختص مع مراعاه خطورة الحالة فى التوقيت،والجدير بالذكر أن الحقوق المدنية الإنجليزية تكفل لكل مواطن حق العلاج.

أما عن مشروع التأمين الصحى فقد أقر راضى أن “مشروع قانون التأمين الصحى اوشك على الإنتهاء وفى طريقه للعرض على مجلس الشعب القادم .”

أما عن المراكز والمستشفيات الخاصة فقد أكد الدكتور على عز الدين، شريك بمؤسسة صحة كابيتال التى تمتلك مشروعين سيتى كلينك ومستشفى العقاد على مشاكل هيكلية قائلاً “الصحة فى مصر تعتمد على الشخص الذى يعطى الخدمة فيكون هذا فى معظم الأحوال هو الطبيب.”

يعتقد عز الدين أن هذا يسبب إختلال فى النظام وأشار إلى أنه بالخارج يكون الطبيب مثله مثل الموظف، لديه مواعيد عمل ثابتة وأجر ثابت وتحكمه معايير جودة محددة. أما فى مصر يعتمد الطبيب على العمل بمنشأة خاصة أما وظيفته التابعة للحكومة تكون مجرد منصب وبذلك يختفى نظام المحاسبة حيث قال “لا توجد مسألة للطبيب إذا أخطأ”.

وعلق على إنسياب العملية الرقابية التى أدت إلى إنتحال العديد من الأشخاص لشخصية الطبيب رغم عدم أهليته لحصول على هذا اللقب وفى أغلب الأحيان يقوم بعض الأشخاص بالحصول على بعض الشهادات التى تؤهلهم ليكونوا أخصائيين وليسوا أطباء.

وأضاف عز الدين ليست من أولويات الحكومة التدخل فى إنشاء الهيئات الطبية الخاصة قائلاً “الحكومة ليس لها دخل بالمنشأت الخاصة إلى أن تعطى الترخيص وتتأكد من تطبقها للمواصفات والمعايير المصرية.”

ويأتى دور النقابة فى تفعيل الأجزاء المختصة بعدد مؤهلات الأطباء ولكن هذه العملية لا تكون خاضعة لمعايير صريحة.

يري عز الدين أن الحكومة تضع قوانين تقلل من مستوى خدمات المنشأت الخاصة مثل القوانين التى تنظم عملية إستيراد الأجهزة الطبية التى تنص على ضرورة إستيراد أجهزة بمعايير غير واقعية لمصر.

أما عن مستقبل التأمين الصحى فقد علق عز الدين على أنه ليس من الضروري أن تتعاقد المنشأت الخاصة مع الحكومة فى قبول المرضى بتأمين صحى حكومى، ذلك وقد رأى إذا تم تنفيذ قانون يضمن حق التأمين لكل مواطن الذى تحدث عنه راضى أن هذا سيزيد من المنافسة للمستشفيات والمراكز الخاصة فى المناقصة للحكومة ليصبحوا المتعهدين لهذا التأمين.    

كل هذه المشاكل هى معوقات تعرقل الحياة الطبية فى مصر وتضعف من المستوى الصحى الذى يقدم إلى أفراد الشعب. وضع هذه المشاكل نصب اعيننا يتيح لنا فرص حقيقية لتحسين هذا المجال الذى يحتاج الى الكثير من العمل لتطويره.