FeaturedSpotlightالقافلة

سلامة الأطفال في المدارس المصرية: هل من مجيب؟

تقرير: حنين قنديل

وفقًّا‭ ‬لمنظمة‭ ‬الصحة‭ ‬المصرية‭ ‬ووزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم،‭ ‬تتعدد‭ ‬حوادث‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬والتي‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬ثمانى‭ ‬حالات‭ ‬في‭ ‬الترم‭ ‬الواحد‭.‬

لقي‭ ‬الطالب‭ ‬شهاب‭ ‬أشرف‭ ‬محمد‭ ‬بالصف‭ ‬الثالث‭ ‬الإعدادي،‭ ‬بمدرسة‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬عبدالجواد‭ ‬التابعة‭ ‬لإدارة‭ ‬شرق‭ ‬التعليمية‭ ‬بالإسكندرية،‭ ‬مصرعه‭ ‬عقب‭ ‬سقوطه‭ ‬من‭ ‬نافذة‭ ‬الفصل‭ ‬داخل‭ ‬المدرسة‭ ‬أثناء‭ ‬انشغال‭ ‬المعلمة‭ ‬بالمحمول‭ ‬أثناء‭ ‬الحصة‭.‬

قال‭ ‬شادي‭ ‬محمد،‭ ‬أحد‭ ‬أصدقاء‭ ‬شهاب‭ ‬في‭ ‬الفصل،‭ ‬لجريدة‭ ‬اليوم‭ ‬السابع‭ :‬إن‭ ‬مدرسة‭ ‬الإنجليزي‭ ‬تركت‭ ‬الفصل‭ ‬لكي‭ ‬تتحدث‭ ‬على‭ ‬التليفون‭ ‬وتركتهم‭ ‬يلعبون‭ ‬حتى‭ ‬سقط‭ ‬شهاب‭ ‬من‭ ‬النافذة‭.‬

قرر‭ ‬جمعة‭ ‬ذكري،‭ ‬وكيل‭ ‬أول‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬بمحافظة‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬استبعاد‭ ‬مدير‭ ‬مدرسة‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬عبد‭ ‬الجواد‭ ‬الإعدادية‭ ‬التابعة‭ ‬لإدارة‭ ‬شرق‭ ‬التعليمية‭ ‬والمشرف‭ ‬العام‭ ‬ومشرف‭ ‬الدور‭ ‬ومعلمة‭ ‬الحصة‭ ‬لحين‭ ‬انتهاء‭ ‬التحقيقات‭ ‬في‭ ‬القضية‭ ‬رقم‭ ‬293‭ ‬لعام‭ ‬2017‭ ‬الخاصة‭ ‬بمصرع‭ ‬شهاب‭.‬

طبقًا‭ ‬لتقرير‭ ‬المؤسسة‭ ‬المصرية‭ ‬لأوضاع‭ ‬الطفولة‭ ‬فإن‭ ‬حوادث‭ ‬العنف‭ ‬وصلت‭ ‬نسبتها‭ ‬بالمدارس‭ ‬الحكومية‭ ‬إلى‭ ‬‏67،18‭% ‬،‏‭ ‬ويرجع‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬كثرة‭ ‬الملتحقين‭ ‬بالتعليم‭ ‬الحكومي‏‭.‬‏‭ ‬ووصلت‭ ‬نسبة‭ ‬حوادث‭ ‬الإيذاء‭ ‬البدني‭ ‬بين‭ ‬الحوادث‭ ‬داخل‭ ‬المدارس‭ ‬إلى‭ ‬‏51،91‭%‬‏.

ويتصدر‭ ‬المدرس‭ ‬قائمة‭ ‬مرتكبي‭ ‬العنف‭ ‬بنسبة‏‬45،80%‭ ‬،‏‭ ‬يليه‭ ‬الطالب‭ ‬بنسبة‏ 28،24‭%‬‏.

‏14‏‭ ‬ضحية‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬واحد‭.‬

وكشف‭ ‬تقرير‭ ‬آخر‭ ‬أعده‭ ‬المركز‭ ‬المصري‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬عن‭ ‬تزايد‭ ‬حالات‭ ‬العنف‭ ‬خلال‭ ‬الشهر‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الدراسي‭ ‬الحالى،2015‭-‬2016،‏‭ ‬ووصل‭ ‬عدد‭ ‬ضحاياه‭ ‬المتوفين‭ ‬إلى ‏14‏‭ ‬ضحية‏،‏‭ ‬وهناك ‏6‏‭ ‬حالات‭ ‬انتحار‭.‬

قالت‭ ‬سهير‭ ‬عطية،‭ ‬والدة‭ ‬الطالب‭ ‬محمود‭ ‬عبد‭ ‬الحليم‭ ‬في‭ ‬الصف‭ ‬الرابع‭ ‬الابتدائي‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬عمر‭ ‬بن‭ ‬الخطاب‭ ‬بالإسكندرية‭ ‬لجريدة‭ ‬القافلة‭ :‬‮«‬أنا‭ ‬أضع‭ ‬يدي‭ ‬على‭ ‬قلبي‭ ‬من‭ ‬الدقيقة‭ ‬التي‭ ‬يذهب‭ ‬فيها‭ ‬عمر‭ ‬ابني‭ ‬إلى‭ ‬المدرسة‭ ‬حتى‭ ‬يأتي‭ ‬لي‭ ‬سالمًّا‭ ‬غير‭ ‬مصاب‭ ‬بأي‭ ‬شيء‮»‬‭. ‬وأضافت‭ ‬أن‭ ‬البيئة‭ ‬المحيطة‭ ‬بهم‭ ‬فى‭ ‬المدرسة‭ ‬ليست‭ ‬آمنة‭ ‬نهائيًا‭ ‬وسلامة‭ ‬الأطفال‭ ‬هي‭ ‬آخر‭ ‬شيء‭ ‬يفكر‭ ‬فيه‭ ‬إدارات‭ ‬المدارس‭ ‬والمسؤولون‭.‬

قالت‭ ‬نسرين‭ ‬محمد،‭ ‬مدرسة‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬سيزا‭ ‬نبراوي‭ ‬إنها‭ ‬لم‭ ‬تسمع‭ ‬عن‭ ‬الحادث‭ ‬ولكن‭ ‬حوادث‭ ‬الإهمال‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬الحكومية‭ ‬لا‭ ‬تُعد‭ ‬ولا‭ ‬تُحصى‭.‬

أضافت‭ ‬محمد‭ :‬‮«‬أنا‭ ‬أعمل‭ ‬كمُدرسة‭ ‬لغة‭ ‬عربية‭ ‬للمرحلة‭ ‬الابتدائية‭ ‬منذ‭ ‬خمس‭ ‬عشرة‭ ‬سنة‭ ‬والسبب‭ ‬الأساسى‭ ‬للحوادث‭ ‬اليومية‭ ‬بجانب‭ ‬الإهمال‭ ‬هو‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬الطلاب‭ ‬في‭ ‬الفصول‭ ‬التى‭ ‬تتعدى‭ ‬الأربعين‭ ‬والخمسين‭ ‬طالبًا،فالعدد‭ ‬الكبير‭ ‬يوتر‭ ‬المدرسة‭ ‬ويأخذ‭ ‬منها‭ ‬وقتًا‭ ‬كثيرًافي‭ ‬تهدئة‭ ‬الأطفال‭ ‬ثم‭ ‬البدء‭ ‬في‭ ‬شرح‭ ‬الدرس‭ ‬والتأكد‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬طفل‭ ‬يستوعب‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يقال‮»‬‭.‬

قال‭ ‬طريف‭ ‬شوقي،‭ ‬عميد‭ ‬كلية‭ ‬علم‭ ‬النفس‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬بني‭ ‬سويف‭ ‬ودكتور‭ ‬التربية‭ :‬‮«لايخفى‭ ‬عن‭ ‬الكثيرين‭ ‬مدى‭ ‬وجدية‭ ‬المشاكل‭ ‬التى‭ ‬وقعت‭ ‬خلال‭ ‬الأعوام‭ ‬السابقة‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬إصابات‭ ‬وحوادث‭ ‬ناتجة‭ ‬عن‭ ‬إهمال‭ ‬أوسوءإدارة‭ ‬أوعدم‭ ‬اهتمام‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬المعرفة‭ ‬بكيفية‭ ‬الوقاية‭ ‬أو‭ ‬معالجتها‭ ‬وإيجاد‭ ‬حلول‭ ‬لها‮»‬‭.‬

أضاف‭ ‬شوقي‭ ‬أنه‭ ‬تقع‭ ‬مسؤولية‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬فيجب‭ ‬عليهم‭ ‬توفير‭ ‬الأمن‭ ‬والسلامة‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬الجهات‭ ‬الأخرى‭ ‬أيضا‭ ‬بعمل‭ ‬خطة‭ ‬عمل‭ ‬تكون‭ ‬بمثابة‭ ‬إصدار‭ ‬قرارات‭ ‬وإجراءات‭ ‬وتوجيهات‭ ‬وتوصيات‭ ‬للمديريات‭ ‬التعليمية‭ ‬وبالتالى‭ ‬للإدارات‭ ‬التعليمية‭ ‬لكل‭ ‬محافظة‭ ‬وبالتالى‭ ‬الإدارات‭ ‬والمدارس‭ ‬والتي‭ ‬بدورها‭ ‬تقوم‭ ‬بترجمتها‭ ‬على‭ ‬الواقع‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬شعار‭)‬أمن‭ ‬وسلامة‭ ‬المدارس‭ ‬اولوية‭ ‬لنا‭ ‬جميعًا)‭.‬

قالت‭ ‬‮«‬أم‭ ‬أحمد‮»‬،‭ ‬أم‭ ‬لأربعة‭ ‬أطفال‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬فاطمة‭ ‬الزهراء‭ ‬بالتجمع‭ ‬الثالث:‬‮ «‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬المدرسة‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬أفضل‭ ‬الأماكن‭ ‬في‭ ‬القاهرة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬مستوى‭ ‬الإهمال‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬عاليًا‭ ‬جدًّا،‭ ‬ابنتي‭ ‬في‭ ‬الصف‭ ‬الثاني‭ ‬الابتدائي‭ ‬وعدد‭ ‬الفصل‭ ‬‮٥٤‬‭ ‬طالبًا‭ ‬وطالبة‭ ‬فبالتأكيد‭ ‬لا‭ ‬تقدر‭ ‬المدرسة‭ ‬على‭ ‬الاهتمام‭ ‬بكل‭ ‬الطلاب‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬فدائمًا‭ ‬تأتي‭ ‬لي‭ ‬ابنتي‭ ‬بإصابة‭ ‬بسيطة‭ ‬إثر‭ ‬خبطة‭ ‬أو‭ ‬مشكلة‭ ‬مع‭ ‬إحدى‭ ‬زميلاتها‮»‬‭.‬

وأضافت‭ ‬أم‭ ‬أحمد‭ ‬أن‭ ‬مشاكل‭ ‬ابنتها‭ ‬تعد‭ ‬مشاكل‭ ‬بسيطة‭ ‬جدًّا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لما‭ ‬تسمعه‭ ‬يوميًّا‭ ‬عن‭ ‬حوادث‭ ‬خطيرة‭ ‬تحدث‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬دون‭ ‬علم‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬عليها‭ ‬وتقول‭:‬‮ «‬دائمًا‭ ‬ما‭ ‬ينجو‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬بستر‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬وهذا‭ ‬كله‭ ‬ناتج‭ ‬عن‭ ‬إهمال‭ ‬واستهتار‭ ‬المدرسين‭ ‬وتركهم‭ ‬لعملهم‮»‬‭.‬

قالت‭ ‬نشوى‭ ‬عبد‭ ‬الوهاب،‭ ‬دكتور‭ ‬التربية‭ ‬ومدير‭ ‬شؤون‭ ‬الطلبة‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬حلوان‭ ‬سابقًا‭ :‬إن‭ ‬كثافة‭ ‬الطلاب‭ ‬كبيرة‭ ‬جدًّا‭ ‬بفصول‭ ‬المدارس‭ ‬خاصة‭ ‬الحكومية‭ ‬وبالتالي‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬أن‭ ‬تراقبهم‭ ‬عيون‭ ‬المدرس‭ ‬أو‭ ‬المشرف‭ ‬طوال‭ ‬اليوم‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬يتسم‭ ‬بالعنف‭ ‬والتمرد‭ ‬وقد‭ ‬ينهار‭ ‬الأخصائي‭ ‬إذا‭ ‬حاصره‭ ‬وقت‭ ‬الفسحة‭.‬

و‭ ‬استدركت‭‬، ‬قائلة‭ :‬‭ ‬«نحن‭ ‬أيضًا‭ ‬أولياء‭ ‬أمور‭ ‬ونعيش‭ ‬فى‭ ‬قلق‭ ‬وحزن‭ ‬ولا‭ ‬ننكر‭ ‬حقهم‭ ‬فى‭ ‬أن‭ ‬يتعلموا‭ ‬فى‭ ‬بيئة‭ ‬آمنة‭ ‬ومستقرة‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يكونوا‭ ‬مهددين‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬لحظة‭ ‬بهذه‭ ‬الحوادث‭ ‬،فلابد‭ ‬مثلًا‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬أسلاك‭ ‬كهربائية‭ ‬مكشوفة‭ ‬أو‭ ‬زجاج‭ ‬مكسور‭ ‬،مع‭ ‬ضرورة‭ ‬فحص‭ ‬المباني‭ ‬من‭ ‬فترة‭ ‬لأخرى‭ ‬وكتابة‭ ‬تقرير‭ ‬عن‭ ‬توافر‭ ‬شروط‭ ‬الأمان‭ ‬فى‭ ‬المباني‭ ‬وإلا‭ ‬يتم‭ ‬نقلهم‭ ‬فورًا‭ «.‬

وطالبت‭ ‬بتخصيص‭ ‬طبيب‭ ‬لكل‭ ‬مدرسة‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬لكل‭ ‬خمس‭ ‬مدارس‭ ‬وصيدلية‭ ‬وسيارة‭ ‬الإسعاف‭ ‬السريع‭ ‬بالمحيط‭ ‬السكنى‭ ‬نفسه‭ ‬لإنقاذ‭ ‬الطلاب‭ ‬عند‭ ‬تعرضهم‭ ‬لأي‭ ‬أذى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحسين‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬المدرسية‭ .‬