FeaturedHome PageNewsSpotlight

إلى صناع السينما العربية، السخرية من البدين تنمر وليست نكته

قالت الشاعرة البريطانية رايتشيل وايرلي في أحد قصائدها، «قال لي أستاذ المسرح في الكلية، على الرغم من موهبتي، أنا أكون أبدًا البطلة في دور رومانسي. أعرض برامج تشمل طيران الأطفال وغناء الحيوانات، ولكن على ما يبدو، لا أحد لديه ما يكفيه من خيال ليصدق أن هناك شخص يحب فتاة سمينة.»

الشيء الوحيد المشترك بين جميع الأشخاص ذو الوزن الكبير، هو وزنهم الكبير. أبعد عن ذلك، فهم أشخاص متنوعة، يختلفون في الخلفية والشخصية، بالضبط مثل الناس أصحاب الأوزان الأقل. ولكن مع الأسف، لسبب غير مفهوم، يعتقد المؤلفين في مصر أنهم نفس الشخص، ويتلخصون على الشاشة التلفاز بنفس الصور النمطية.

فمن الصعب العثور على أفلام تحتوي على مناقشة مشكلة البدانة او السمنة، بل تم الاكتفاء بالسخرية منها والقاء النكات. الكثير من الناس، أصحاب الأجسام الكبيرة، يعيشون حياة سعيدة وصحية ومنتجة، لا يأكلون باستمرار، ولا يعتقدون أن حياتهم مزحة، فمن الطبيعي أن يشعروا بذلك.

فنرى الشاب البدين كشخصية مضحكة، وهذا ليس نتيجة للافيهات التي يلقيها أو خفة دمه، بل فقط لأنه بدين، لا اكثر ولا اقل، لصناع السينما فهو يثير الضحك والشفقه بسبب حركته البطيئة و أكله الكثير.

هذه هي الصورة النمطية المغروسة في وجداننا منذ افلام الابيض واسود، مثل شخصية صبي الحانوتى الأكول فى فيلم «حماتى ملاك» وهي شخصية بلا أبعاد غير التخن والاكل. فمن كثرة أكله، يظن اسماعيل يس انه اكل الميت، وطوال الفيلم لا يكف يس عن مناداته بألقاب تصف تخنه مثل «يا ابن المفرطحة».

وكان الفنان الراحل علاء ولى الدين يعد أيضا نموذج في معظم أعماله، وهو نموذج البدين الطيب ذو الشخصية الضعيفة. مثل دور صلاح ابن الناظر في فيلم «الناظر» وخوفه من أبيه، أو دخوله الجيش خطا بسبب التصاق فخذيه فى فيلم «عبود على الحدود» الذي كان أيضاً يخاف فيه من أبيه.

أما عن الفتاة البدينة، فهي مشهورة بالصورة النمطية «للفتاة التخينه العانس» فهي التي تتكلم بصوت عال ومزعج، وعن الطعام فقط. وإذا تكلمت عن شئ أخر غير الطعام، فهي تتكلم عن طموحها في الحصول على أي رجل يعجب بها، فهي دائماً سعيدة للحصول على أي شخص، مهما كانت شخصيته أو طباعه، وأحياناً تطاردهم.

مثل الفنانة مها أحمد في فيلم «الباشا تلميذ» التي قامت بدور «مايا» الطالبة الجامعية، الشهيرة بمقولة «أنا حياتي بلا كميا» والتي تطارد الرجل العجوز حسن حسني، الذي يسخر من وزنها طوال الفيلم.

أما عن السيدة البدينة التي كبرت في السن، فتتحول من الفتاة العانس إلي المرأة المتحكمة، التي يخاف منها الجميع.

مثل الفنانة سعاد أحمد، الشهيرة بدورها في فيلم «ابن حميدو» فقامت فيه بدور أم حميدة، «اللي نزّلت كلمة المعلم حنفي الأرض.» فكانت دائماً تقوم بنفس الدور، وهو دور المرأة المتحكمة القوية التي يخاف منها زوجها، وهذا مبني على ضخامة حجمها فقط.

بالاضافة إلى الفنانين النحيفين الذين يلعبون أدوار الشخصيات السمينه، وهم لا يعرفون أي شيء عن السمنه، أو ما يشعر به أصحاب الأبدان السمينه. مثل الفنانة مى عز الدين في فيلمها «حبيبى نائما» فسخر الفيلم من البدينات ووصفهم بالافيال، ولم يتعامل مع المشكلة بشكل عملي أو أنساني، واكتفى بالمفارقات التى تقوم على رؤية الحبيب لحبيبته السمينة والتي كان يراها رفيعة في عينه. فشبه الفيلم أكتشاف الحبيب بسمنه حبيبته، بقيامها بحادث يفقدها جمالها، وكأن الفتاة السمينه لا يمكنها ان تكون جميله.

فعل الفنان النحيف أحمد حلمي نفس الشئ عندما ارتدى بدلة مصممة لتجعله يبدو اسمن، لقيامة دور مجدي في فيلم «إكس لارج»، حيث ناقش الفيلم مشكله أصحاب الأبدان السمينه الوصول على الحب. كان يتوقع «مجدي» أن مقولة خاله «اللي هتحبك هتحبك كدا» سوف تتحقق، لكن جاءت الصدمة وقالت محبوبته له: «مش هحب واحد تخين مبيفكرش في صحته ولا في عياله في المستقبل.»

ولكن، هذه المرة ناقش الفيلم المشكله بشكل إنساني، دون أن يسخر من أصحاب الأجسام البدينه. فناقش الفيلم المشكله بشكل عملي، وكانت شخصية مجدي شخصية ذات أبعاد و تفاصيل، فهذه المرة لم يتبع الفيلم الحبكة المتوقعه، وهي صاحب البطل السمين، الذي يظهر بهدف إضحاك الجمهور فقط.

ولكن مع الأسف، انتهى الفيلم نهايه متوقعه، وهي تخلص البطل من وزنه. كما لو كان فقدان الوزن هو الحل الوحيد ، لكي يعيش «مجدي» أو الشخصية، في سلام في هذا العالم.

كما أن التخلص من الوزن حدث دون مراعاة المراحل التدريجية التي سيمر بها أي شخص بدين للتخلص من السمنة، للمشاهد، هو ببساطة خلع البدلة الجلدية التي كان يرتديها.

فإلى صناع السينما في العالم العربي، إن الأشخاص البدينين أكثر بكثير من كونهم مجرد مزحة، وصدقوا أو لا تصدقوا، لم يعد الأمر مضحكا على الأطلاق. حان الوقت لصناعة أفلام تحتوي على شخصيات غنية ومتنوعة. وكما استعطف الشحات السمين، أحمد حلمي أو «مجدي» بطل فيلم «إكس لارج»، «حس بيا، يحس بيك ربنا.»