FeaturedHome PageOpinion

فيروس كورونا الذي أربك طموحاتي .. ماذا عساي أن أفعل؟

في السابع والعشرين من شهر مارس، تم فرض حظر التجوال في جميع أنحاء الجمهورية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد. يعم الهدوء في جميع أنحاء البلد من الس السادسة مساءًا حتى السادسة صباحًا في اليوم التالي

القصص التي نشاركها معكم هي قصص رواها أعضاء مجتمع الجامعة الأمريكية يعبرون عن كل ما يشعرون به إثر فيروس كورونا المستجد وكل الإجراءات الاحترازية التي تتخذها البلاد،ليخبروا الجميع كيف يقضون يومهم أثناء العزل المنزلي وعن تجربتهم مع التعلم عن بعد

.في تلك الفترة، نود أن نوثق كل يوم وكل لحظة نمر بها، لذلك نرغب في أن نستمع إلى مجتمع الجامعة كله من الطلاب إلى أعضاء هيئة التدريس

إن كنت ترغب في مشاركة قصتك معنا، راسلنا على

caravannews@aucegypt.edu

اليوم الثاني والأربعون :٧ مايو ٢٠٢٠

عدد الإصابات في العالم: ٣،٩١٦،٣٣٨

عدد الوفيات في العالم: ٢٧٠،٧١١

عدد الإصابات في مصر: ٧٩٨١

عدد الوفيات في مصر: ٤٨٢

عدد الإصابات في الولايات المتحدة الأمريكية: ١،٢٩٢،٦٢٣

عدد الوفيات في الولايات المتحدة الأمريكية: ٧٦،٩٢٨

كتب: ألفريد نداف

نبدة قصيرة 

ألفريد نداف هو صحفي يسعى للحصول على زمالة في اللغة العربية في مركز دراسة اللغة العربية (CASA) في الجامعة الأمريكية في القاهرة. حصل على بكالوريوس من جامعة ديفيدسون في الدراسات العربية والعلوم السياسية عام ٢٠١٩ كما عمل كصحفي في الأردن وفي لبنان. تكمن اهتمامات نداف البحثية في الدراسات الإسلامية والترجمة والهجرة بين المجتمعات الناطقة بالعربية والفرنسية

كتب نداف هذا المقال خمسة أيام قبل أن يُجبر هو وزملاءه أن يرجعوا إلى مواطنهم. والآن، نداف خرج من مصر منذ خمسة وأربعين يومًا  

في الفترة الأخيرة منذ انتشار جائحة فيروس كورونا، أخذ البعض يلوم الصين واجزموا أن كل ما يحدث هو غضب من عند الله.. فيقول الإمام في خطبة الجمعة: “لا يؤخذ على أحدٍ.” أي، لا يجب أن نلقي اللوم على أحد بسبب ما يحدث 

 وفي الوقت الذي يصدح مكبّر الصوت في مترو السادات الرئيسية وسط العاصمة القاهرة: “ربنا يحفظ مصر وشعبها ورئيسها” كانت البلاد على موعد مع أقوى موجة اضطراب للطقس في العقود الأخيرة من أمطار غزيرة وسيول أُطلق عليها “عاصفة التنين”، بينما كانت تتأهّب الحكومة المصرية لمواجهة فيروس كورونا الذي يعيث في العالم بلا هوادة 

.ينتظر المئات من العمال المصريين الوافدين للمملكة العربيّة السعودّية أن يُفحصوا بينما توضع الحواجز على الطريق بميدان التحرير ويراقب ضباط الشرطة الأوضاع 

 أدخلُ كافية “لابوار” وأعطس مرتين ثم يحدق بي عشرات الأجانب بنظرةٍ باردةٍ، وضعت مُطهّرا على يديّ بعد أنْ رأيتُ قطًة ميتًة على رصيف شارع “القصر العيني” بينما استمع إلى أغنية “قارئة الفنجان” لكي أنسى الهوس الذي يسيطر عليّ فأجد المقطع الموسيقي يرن في أذني: “مقدورك أن تمضي أبداً.. في بحر الحب بغير قلوع” 

أتوق إلى أنْ أعانق أمي التي تمر بإجراءات العزل الصحي في بوسطن، أما عن أبي، فقد حصل على وظيفةٍ مؤخراً في ولاية “جورجيا” على بُعد أربعة ساعات بالطائرة من عند أمي.. ولعلها تشتاق إلي أكثر الآن 

بدأت أن أفكر..يا ترى هل ما زالت الشوارع التي كنت أتسكع فيها بطفولتي على نفس حالها؟  

بداخلي نقيض من المشاعر؛ يطغى عليّ شعور بالتجول في شوارع طفولتي في بوسطن، ولكن هناك صوتًا آخر داخلي يريد البقاء هنا بالقاهرة والتجول في شوارعها في الصباح الباكر قبل استيقاظ الجميع مثلما فعلت ذاك الصباح

 .ولكن في مكان نشأتي، لن أستطع الذهاب إلى مطعم الكشري، سأرى فقط أشجار في ضاحية فاخرة

.أما عن وضعي في القاهرة، فأحسب نفسي مدلل أيضًا، فيوجد تكييف، غسالة الصحون، زجاجة مياه ومناديل ورقيّة

 “.يعاني الضُعفاءُ هنا وهناك، يملأ المتشرّدون، رجالًا كانوا او نساء، الشوارع  ولكن الفرق هو أن في القاهرة لم يحملوا لافتة مكتوب عليها:”ساعدوني، أنا مُشرّد 

لقد وجدت مكاني هنا ولكن الأن …الآن … ماذا عساي أن أفعل؟ 

 ماذا عن الرحلة السياحية التي وعدت بها جدتي إلى معابد أبو سمبل التي بناها الملك رمسيس الثاني؟

 ماذا عن صوت أم كلثوم الملائكي الذي استمعت إليه في الليلة الماضية، أو عن غرغرة النرجيلة في مقهى “زهرة البستان” العتيق؟ 

..ماذا عن باقية المحاضرات التي كان من المفترض أن أحضرها في الجامعة؟ فقد تبقى لي ثلاثة أشهر ببرنامج (كاسا) في الجامعة

ماذا عن وجبات الإفطار مع أصدقائي الذين عرفتهم منذ أن وطأت قدمي إلى مصر المحروسة خلال شهر رمضان المقدس؟

ماذا عن التدريب الذي أوشكت على البدء به في مجال الفهرسة عن كبار مفكري العرب والإسلام سواء في الماضي أو في الحاضر؟ 

ماذا عن الجري في تراك نادي شباب الجزيرة الذي كنت أواظب عليه أسبوعيًا؟ 

الذكريات التي كان من المفترض أن تُصنع، الطلاقة في اللغة العربية التي كان من المفترض أن أتحدث بها… ولكن ماذا عساي أن أفعل؟ 

 يارا من غزة تقول إن المطارات والطائرات مخيفة وهي الآن في الحجر الصحي ويتزايد احتمالية أن أُصاب بالفيروس..وإيلاي صديقي من شيكاغو يقول إن زملاءه بالشقة أصيبوا بالفيروس والرعب يتملك منه 

منذ فترة لا بأس بها انتشر فيديو لسائق يتنمر على رجل صيني وهو يصرخ “كورونا.. كورونا” فقام بعض المصريين بمبادرة لدعم الشاب الصيني ضد هذا الأسلوب العنصري عبر “فيس بوك 

وألف العرب أغنية فولكلورية عن فيروس كورونا وفي أمريكا، الطلاب من جامعتي السابقة أخذوا الاحتفال كوسيلة لتجنب ما يحدث..وألغي حفل تخرج شقيقتي 

أعلنت الجامعة الامريكية أن المحاضرات ستستمر عبر الانترنت وسنُجبَر جميعا على العودة إلى وطننا وأن نأخذ استراحة من الأذى الدائم الذي نجلبه لهذا العالم… فربما على هذه الأرض ما يستحق الحياة. 

 بينما يملأني الشك حول صحتي وعن احتمالية إصابتي بفيروس كورونا، اتصلتُ بجدي وقلت له إني أخشى أن  في أكون سببًا في إصابته؛ فيرّد بهدوء وقال: “تعال يا بني، لا أخشى من شيء، ليس لدي كثير من الوقت باق على هذه الأرض على أي حال

 ماذا عساي أن أفعل؟ … أتأمل في صمت – كما نصحتني – تلك الحسناء ذات الشعرٍ البنيّ الغامق والعيون العسلية التي جلبت لي مجموعة روايات منها “عصفور من الشرق” و”أفراح القبة 

تساءلَت باستغراب: “أنت متلخبط ليه؟” بينما كنت أشرب عصير موز بلبن في مقهى بالزمالك وأفكر في شوارع المحروسة، وشعبها المضياف الذي يحاول أن يتمسك بعاداتِهِ 

فهل أغادرها أم أبقى…. ماذا عساي أن أفعل؟

For The Caravan’s previous diary entries in Arabic and English go to our COVID-19 Special Coverage page.