FeaturedHome PageNewsSpotlight

طالبي المشورة : خطوة للقضاء على التنمر بين الأطفال والمراهقين في مصر

بعد إنتحار صديقته المقربة بسبب التنمر الذي كانت تواجهه من المجتمع، يقرر شاب في العقد الثاني مِن عمره أخذ خطوة إيجابية لتأسيس منظمة تحارب التنمر وتحاول تعزيز الوعي به, حتى لا يتكرر ما حدث مع صديقته.

مع إنتشار ظاهرة التنمر بين الأطفال بشدة، قام مصطفى أشرف بعمل مؤسسة غير حكومية تهدف إلى تعزيز الوعي بهذه الظاهرة تحت اسم «طالبي المشورة»/ (advice seekers).

لم يَرِد أشرف لشخصاً آخر أن ينهي حياته بسبب ما يعانيه مِن التنمر، ولَم يود رؤية شخصاً آخر يتألم، ومِن هُنا جاءت فكرة هذه المنظمة.

شرح أشرف أن إنتحار صديقته جعله في حالة نفسية سيئة جداً، وأنه حاول الانتحار ثلاث مرات متتالية ولكن فشل في كل المحاولات. ففكر أن ربما وضعه الله في هذا الموقف حتى يساعد أشخاصاً آخرين يعانون مِن المشكلة ذاتها وربما يستطيع مساعدتهم بشكلٍ ما.

تحاول هذه المنظمة الحد من إنتشار التنمر قدر الإمكان. ويحدث ذلك مِن خلال بعض ورش العمل والمحاضرات التي يلقيها أعضاء المنظمة في المدارس.

تأسست المنظمة في عام ٢٠١٤ ليكون هدفها الجوهري هو «جعل هذا العالم مكانًا أفضل للعيش به،»وأن يكون عالم يخلو مِن التنمر ويخلو مِن أعقابه السلبية.

وتضم هذه المنظمة عدداً كبيراً مِن المتطوعين،ولكن بالرغم من الصعوبات التي تواجه المؤسسة من أجل منعها للوصول إلى المدارس الحكومية حيث أن ذلك يتطلب العديد مِن الأوراق وما إلى ذلك إلا أنها استطاعت أن تصل إلى أكثر مِن ٦٠ مدرسة. وتستهدف «طالبي المشورة» أي شخصاً فوق سن التسع سنوات، ولكنها تركز بشكل خاص على المراهقين لأن سنهم هو الأكثر عرضة إلى التنمر، بل وأيضا لممارسته.

وشرح أشرف أن تعريف سن الأطفال يتراوح ما بين التسع سنوات والثمانية عشر سنة.

وقالت الطالبة هنا عبد العظيم، ١٢ سنة٬أنها دائما تري طلاب المراحل الأصغر في المدرسة يتعرضون للتنمر من الطلاب الأكبر سنا في المراحل الإعدادية والثانوية.

وأضافت عبد العظيم أنها لا تظن أن لدى المدرسين دوراً فعالاً في معاقبة أو مساعدة الطالب المُتنَمِر وانهم يتجاهلون شكاوي الطلاب مِن الأساس.

وقال أشرف، «استطعنا القضاء على ٤٠٪؜ مِن ظاهرة التنمر في المدارس المصرية، ولكن مازال أمامنا وقتاً كبيراً حتى نقضي على هذه الظاهرة تماماً.»

وأضاف أشرف أنهم يتعاونون أحياناً مع المنظمة العالمية «يونيسيف» لضم عدد أكبر مِن المتطوعين.

وأوضح أشرف أن أساليبهم في توصيل المعلومة إلى هذا السن تكون مِن خلال سلاسل محاضرات تُلقى في مدارس مختلفة ومحافظات متعددة.

وقال أشرف، «نحاول في أول خمسة عشر دقيقة أن نتأكد أن كل طالب يفهم معنى التنمر وكنيته، وذلك لوجود العديد مِن الأطفال الذين لا يعوا معنى التنمر، بل ويوجد مُدرِسين أيضاً لا يفقهون ذلك. لذلك يكون هدفنا الأول دائماً هو تعريف مصطلح التنمر.»

وقد ألقى أشرف الضوء على أهمية تفاعل الأطفال في المحاضرات، فلذلك يحاول هو والمتطوعون أن يقيموا بعض الأنشطة الطلابية المُسلية، ويقومون أيضاً ببعض الأدوار التمثيلية مع الأطفال والمدرسين التي تحتوي فكرتُها على التنمر وكيفية دفاع الشخص الذي يواجهه عن نفسه.

وأضاف أشرف، «الهدف وراء هذه الأدوار التمثيلية هدفا ساميا جداً، لأن مِن خلال مواقف حقيقية نوصل لهم كيفية معرفة إن كان هذا الموقف يُعتبَرتنمراً أم يُعتبَر شيئاً آخر، لأن البعض يظن بأن الخلافات الطبيعية بين الأطفال تُعَد تنمر ولكن ذلك ليس صحيحاً.»

وقال موريس جمال، 20 سنة، أحد المتطوعون في المنظمة، أن رد فعل العديد مِن إدارات المدارس بعد فترة مَن المحاضرات كان إيجابياً، وأضاف أنهم أشادوا بتغيُر طريقة تعامل الطلاب مع بعضهم البعض منذ ذلك.

بالإضافة إلى ذلك، يقوم أشرف وفريق العمل بعرض أفلاماً قصيرة على الأطفال عن أشخاصاً يواجهون التنمر وأشخاصاً يدافعون عن أنفسهم، أما بالنسبة للمراهقين، فيعرضون لهم أفلاماً قصيرة قام فريق العمل بإنتاجها وإخراجها، وقد تضم حواراً مع ممثل أو مشاهد مختلفة تعرِض شتّى أنواع التنمر.

لا ينحصر دور «طالبي المشورة» في المحاضرات فقط، بل لديهم دوراً فعالاً على مواقع التواصل الإجتماعي مِن خلال صفحتهم على الفيسبوك.

قال أشرف، «نتلقى رسائل عديدة مِن أشخاص يطلبون المساعدة ويحكون عن ما واجهوه مِن تنمر، ونتحدث إليهم حتى نساعدهم ولكن إن كانت الحالة ضرورية فيتم تحويلهم إلى أخصائي نفسي.»

وحتى يتأكد أشرف مِن الواقع النفسي لكل ذلك على الأطفال، يقوم بالالتحاق ببعض دورات علم النفس، وضم أيضا ثلاثة أخصائيين نفسيين إلى فريق العمل حتى يساعدونهم في تحضير المحاضرات ويعطوهم وِرَش عمل عن الثقة بالنفس وما الذي يجب عليهم قوله وكيفية توصيله إلى السن الصغير، ولكنهم لا يذهبون إلى المحاضرات.

وبررأشرف قائلا، «سِني وسن المتطوعون قريباً مِن سن الأطفال والمراهقين، لذلك نستطيع أن نفهمهم وأن يفهموننا ونحاول دائماً خلق حلقة تواصل بيننا وبينهم، وجود أخصائي نفسي يلقي عليهم محاضرة قد يكون شيئاً مُمِلاً بعض الشيء بالنسبة إليهم.»

قد تختلف ردة فعل الأطفال الذين يتعرضون للتنمر حسب شخصيتهم، البعض قد يخشى التحدث مع مدرسيه ظناً منهم أنهم لن يتخذوا خطوةً إيجابية، والبعض الآخر قد يشتكي لأهله ولكنه يُقابَل بردة فعل سلبية لأنه لم يدافع عن نفسه.

وأوضح أشرف، «تنتشر أيضاً بين الأطفال الذكور ظاهرة زُرِعَت بهم مِن قِبَل الأهالي؛ وهي أن الرجُل لا يجب أن يبكي أو يشتكي أو يظهر ضعفه وهذا يؤدي إلى خوف الأطفال مِن الاعتراف لأهلهم أنهم تعرضوا للتنمر في المدرسة.»

يُعد عامل الأهل مهماً بالنسبة إلى نفسية الطفل. لذلك، كما شرح أشرف، لا يمكنهم تجاهل حقيقة أن طفلهم -حتى وإن كان ذكراً- لديه مشاعر وقد تتأثر سلبياً بتجاهلهم لما يشكوا مِنه.