Opinion

السعادة في الأشياء البسيطة

كتبت‭:  ‬مونيكا‭ ‬نجيب

محررة

عندما‭ ‬طُلِبَ‭ ‬مني‭ ‬كتابة‭ ‬موضوع‭ ‬عن‭ ‬السعادة،‭ ‬لم‭ ‬يخطر‭ ‬في‭ ‬ذهني‭ ‬ممتلكات‭ ‬غالية‭ ‬الثمن،‭ ‬مثل‭ ‬السفر‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الأموال‭ ‬الكثيرة‭. ‬أول‭ ‬ما‭  ‬خطر‭ ‬ببالي‭ ‬هو‭ ‬مشاهدة‭ ‬فيلم‭ ‬في‭ ‬عطلة‭ ‬نهاية‭ ‬الأسبوع‭ ‬مع‭ ‬طبق‭ ‬‮«‬فشار‮»‬‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الليل‭. ‬أو‭ ‬إنهاء‭ ‬واجباتي‭ ‬الجامعية‭ ‬مبكرًا‭ ‬والاسترخاء‭ ‬بعدها‭ ‬دون‭ ‬فعل‭ ‬أي‭ ‬شئ‭ ‬ذو‭ ‬قيمة‭. ‬كما‭ ‬خطر‭ ‬على‭ ‬بالي‭ ‬أيضًا‭ ‬مقابلة‭ ‬كلبي‭ ‬لي‭ ‬عند‭ ‬عودتي‭ ‬إلي‭ ‬المنزل‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬شاق‭ ‬وطويل‭  ‬أو‭ ‬عندما‭ ‬أجلس‭ ‬مع‭ ‬أصدقائي‭ ‬في‭ ‬منزل‭ ‬أحدنا‭ ‬لنتحدث‭ ‬ونضحك‭ ‬فقط‭ ‬بعد‭ ‬فترة‭ ‬شاقة‭ ‬انهمك‭ ‬كل‭ ‬منا‭ ‬في‭ ‬أشغالنا‭ ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬لدينا‭ ‬وقتًا‭ ‬كافيًا‭ ‬للراحة،‭ ‬ولكننا‭ ‬ببساطة‭ ‬نسعى‭ ‬لتوفير‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬من‭ ‬حين‭ ‬لآخر‭ ‬لأنه‭ ‬يشعرنا‭ ‬بالسعادة‭.  ‬أو‭ ‬عندما‭ ‬تُنشَر‭ ‬لي‭ ‬مقالة‭ ‬في‭ ‬القافلة‭ ‬وأرى‭ ‬اسمي‭ ‬مصحوبًا‭ ‬بصورتي،‭ ‬بل‭ ‬وتغمرني‭ ‬السعادة‭ ‬عندما‭ ‬أتلقى‭ ‬آراء‭ ‬من‭ ‬قرأ‭ ‬لي‭ ‬مقالًا‭ ‬وأُعجَب‭ ‬بها‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬دائمًا‭ ‬ما‭ ‬نحول‭ ‬أعيننا‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الأشياء‭ ‬البسيطة‭ ‬ونسعى‭ ‬لإبهار‭ ‬الآخرين،‭  ‬فنجد‭ ‬أن‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬ممتلئة‭ ‬بصور‭ ‬أشخاص‭ ‬يحتفلون‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬نزهة‭ ‬ما‭ ‬أو‭ ‬يفعلون‭ ‬شئ‭ ‬غير‭ ‬مألوف‭ ‬وغير‭ ‬تقليدي‭ ‬وعادًةً‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬مكلف‭.‬

‭ ‬ونجد‭ ‬أيضًا‭ ‬أننا‭ ‬أحيانًا‭ ‬ما‭ ‬نقضي‭ ‬أوقاتنا‭ ‬التقاطًا‭ ‬الصور‭ ‬ننشرها‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المواقع‭ ‬كدليل‭ ‬على‭ ‬حياتنا‭ ‬المثالية‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬الاستمتاع‭ ‬الفعلي‭ ‬بها‭. ‬دائمًا‭ ‬ما‭ ‬نحاول‭ ‬إظهار‭ ‬أن‭ ‬حياتنا‭ ‬مثالية‭… ‬وأننا‭ ‬نقوم‭ ‬بأشياء‭ ‬خيالية‭… ‬وأننا‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬السعادة‭.. ‬نسعى‭ ‬لإظهار‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬هي‭ ‬الحقيقة‭ ‬ولكنها‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الحقيقة‭ ‬وليست‭ ‬الحقيقة‭ ‬كاملة‭.. ‬بل‭ ‬وقد‭ ‬يبدو‭ ‬أحيانًا‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬دون‭ ‬تلك‭ ‬الصور‭ ‬التي‭ ‬نبدو‭ ‬فيها‭ ‬سعداء،‭ ‬هي‭ ‬حياة‭ ‬بلا‭ ‬قيمة‭. ‬فكلنا‭ ‬نعلم‭ ‬ما‭ ‬يكمن‭ ‬وراء‭ ‬تلك‭ ‬الصور،‭ ‬وكلنا‭ ‬نقوم‭ ‬به‭ ‬وننخدع‭ ‬به‭ ‬مرة‭ ‬تلو‭ ‬الأخرى‭ ‬ونظن‭ ‬أن‭ ‬حياتنا‭ ‬هي‭ ‬الأسوء،‭ ‬مع‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬كذلك،‭ ‬ولكننا‭ ‬عادةً‭ ‬ما‭ ‬ننجذب‭ ‬للنظر‭ ‬لما‭ ‬ينقصنا‭ ‬وليس‭ ‬لما‭ ‬عندنا‭. ‬فلا‭ ‬يوجد‭ ‬أحد‭ ‬حياته‭ ‬في‭ ‬سعاده‭ ‬دائمة‭ ‬أو‭ ‬حزن‭ ‬دائم،‭ ‬كما‭ ‬يصور‭ ‬لنا‭. ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬مَن‭ ‬يقدر‭ ‬الأشياء‭ ‬البسيطة‭ ‬اليومية‭ ‬التي‭ ‬تشعرنا‭ ‬بالراحة‭ ‬وتمدنا‭ ‬بالسعادة‭ ‬التي‭ ‬تفصلنا‭ ‬عن‭ ‬متاعب‭ ‬الحياة‭ ‬الكثيرة‭.‬

‭ ‬