FeaturedHome Pageالقافلة

اليوم الثاني والتسعون: نصف ساعة في حي الموسكي

في السابع والعشرين من شهر مارس، تم فرض حظر التجوال في جميع أنحاء الجمهورية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد. يعم الهدوء في جميع أنحاء البلد من الساعة السادسة مساءًا حتى السادسة صباحًا في اليوم التالي

القصص التي نشاركها معكم هي قصص رواها أعضاء مجتمع الجامعة الأمريكية يعبرون عن كل ما يشعرون به إثر فيروس كورونا المستجد وكل الإجراءات الاحترازية التي تتخذها البلاد،ليخبروا الجميع كيف يقضون يومهم أثناء العزل المنزلي وعن تجربتهم مع التعلم عن بعد

في تلك الفترة، نود أن نوثق كل يوم وكل لحظة نمر بها، لذلك نرغب في أن نستمع إلى مجتمع الجامعة كله من الطلاب إلى أعضاء هيئة التدريس

إن كنت ترغب في مشاركة قصتك معنا، راسلنا على

caravannews@aucegypt.edu

اليوم الثاني والتسعون: ٢٦ يونيو ٢٠٢٠ 

عدد الإصابات في العالم: ٩،٨٩٨،٥٤٧ 

عدد الوفيات في العالم: ٤٩٦،٠٧٩ 

عدد الإصابات في مصر: ٦٢،٧٥٥ 

عدد الوفيات في مصر: ٢،٦٢٠ 

كتب: عمر هشام 

طالب هندسة كمبيوتر

في صباح يوم الأحد الموافق ١٤ يونيو، كنت قد صاحبت والدي إلى طبيبه بعيادة تقع بشارع الجمهورية في وسط المعمورة. بالنظر إلى بُعد المسافة بين المنطقة التي أقطن فيها والعيادة، كانت هذه هي المرة الأولي التي يتسنى لي الخروج بعيدًا عن المنزل في زمن الوباء المستجد؛ كورونا

قد اشتد المرض على والدي مما جعله بحاجة إلى أحد يساعده في الذهاب بعجلة مفرطة. فتوليت أمر القيادة وانطلقنا سريعًا إلى حي الموسكي بالقرب من ميدان عابدين. كان يومًا شديد الحرارة، ينفر الكثير بالحافلات والسيارات ويكأنه منتصف اليوم للعودة للديار، الكل يرتدي الكمامات – سواء كان يسير ماشيًا أو في سيارة-، الكل يهرول خوفًا من حدوث شيء ما

.توقفت في إشارة ميدان إبراهيم باشا وكان نفس المشهد يتكرر مع كل إشارة؛ الفزع، الهرولة، الخوف، الكمامات

وصلنا بشارع الجمهورية حيث عيادة الطبيب، وأسرع والدي بالخروج من السيارة و الصعود إلى العمارة، بينما قد استأذنته أن أبقى مكاني لكي أشاهد أكثر حركة الناس و حال الشارع المصري في هذا الحي المكتظ بالسكان

.أوقفت السيارة وخرجت منها وبدأت في المراقبة

لم أشعر بتغير ملحوظ بين ما قد رأيته عند توقف كل إشارة وبين ما أراه الآن غير الآتي؛ كل المحلات التجارية والبنوك قد اشهرت لافتات على أبوابها تقول: “طبقًا لقرار رئاسة  الوزراء وحفاظًا علي سلامتكم، لا دخول للمحل/البنك إلا بارتداء الكمامة”. حينها فقط شعرت بخطر المشهد؛ حيث أن المحلات قد بدأت في السماح بإدخال كل اثنين على حدا خوفًا من التزاحم في الداخل

.ولكن الأمر في الخارج كان عكس ذلك تمامًا، فمع سرعة بعض الناس في السير إلى أشغالهم، كان هناك فريق آخر يقف في الوسط يتسامر الحديث بينما لا يضع الكمامات

فكان خوفي في تلك الساعة أن يصاب أحد من المارة الآخرين بأذى بسبب فاقدي الوعي في ظل هذه الأزمة المقحلة. كان قلبي حينها ينبض سريعًا من الغيظ، ففي الوقت الذي يفقد الناس فيه حيواتهم، وآخرون يصارعون لأجل الحياة، يوجد آخرون يستهزئون ويستخفون بالوباء ولا يعطون له أدني اعتبار إلا عند وقوع الكارثة

إن الأمر المحزن دومًا في تعاملنا مع أي أزمة صحية هو أن قدرًا كبيرًا منا لا يعيرها أي اهتمام وقد لا يؤمن بوجودها في الواقع إلي حين أن يتلقى هاتفا يخبره أن أحد أقرانه قد نُقل للمشفى بسبب المرض

وبعد مرور عشرين دقيقة، هاتفني والدي يخبرني بإنه قد أوشك على إنهاء الإستشارة وقال لي أن التقي به لنعود للمنزل، فما أن ركبت السيارة فاجئني أحدهم يدق علي شباك السيارة

.فإذا بي أشاهد رجلًا عجوزًا يريد المساعدة ولكن لم يكن يضع كمامة مما جعلني لا أعيره أي اهتمام

“ولكنه عاود الدق، فقلت له من وراء النافذة: “أنت مش شايف اللي احنا فيه!! فين الكمامة؟

 .”فصاح لي قائلًا: “ما هو عشان كدا يا باشا أنا جايلك

.”ولكني فزعت أكثر وقلت في نفسي لماذا يأتيني أنا؟ ثم أكمل قائلا: “بالله عليك يا باشا لو معاك كمامه زيادة تديهاني عشان الحكومة هنا في كل مكان

.عندها فقط اشفقت علي الرجل، وكان بالصدفة بجانبي كمامة قد وضعها والدي للاحتياط

.”فأخذتها على الفور وفتحت النافذة قليلًا واعطيتها له، فقال مبتسما: “متشكر يا باشا ربنا يبعد عنك كل مرض

فكان هذا الموقف أجمل ما حدث في ذاك اليوم، فربما لا يبالي البعض بالأزمة الصحية، ولكن هناك فئة أكبر تريد الوقاية ولكن تحتاج إلى المساعدة وهذا هو الفارق. فمع سعي هؤلاء إلى طلب المساعدة بدون توقف، فإن الله لا يخيب ظنهم ويجازيهم بسعيهم دومًا

“أخذت السيارة وذهبت إلي والدي لأجده واقف عند العمارة، فما أن ركب حتي قال لي: “أتأخرت ليه؟

 .استغللت الموقف لأحكي له ما حدث خلال النصف ساعة السابقة في شارع الجمهورية

.”فاندهش والدي بما فعلته مع العجوز وقال: “ربنا هيجازيك خير بالي عملته لمحتاج خصوصا ًفي الوقت دا

 لقد فرحت بما حدث وأخدت منه العبرة؛ وهي أن طالما أنك تجتهد في وقاية نفسك وعائلتك وتتحلى بالوعي اللازم، فستنخفض احتمالية إصابتك جدًا قدر إحساسك بعظم الأزمة والمشكلة الراهنة

For The Caravan’s previous diary entries in Arabic and English go to our COVID-19 Special Coverage page