Arts and CultureHeadlinesHome Pageالقافلة

هل يعتبر الإنترنت بوابة الخطر للأطفال؟

تقرير: لمى خالد

خلال الآونة الأخيرة لجأ بعض الآباء والأمهات إلى صنع محتويات على مواقع التواصل الاجتماعي مستخدمين أطفالهم كمادة للترفية أو لإضفاء الطابع الكوميدي، إذ تحول البعض لاستغلالهم من أجل رفع معدلات المشاهدة على حساباتهم الشخصية.

لا تُخفى المخاطر التي قد تنتج عن وسائل التواصل الاجتماعي، فعلى الرغم من أنها مجرد أدوات صلبة لا حياة فيها، إلا أن الكثير يعتمد عليها في كل شيء حتى أصبحت جزءًا من الحياة اليومية. كما أن لتلك المواقع جانبًا إيجابيًا، ألا أن لها أيضًا جانبًا سلبيًا من جهة، حيث أنها تبث نوعًا من الحياة المشوهة بما تحمله من قيم ومفاهيم وسلوكيات يقوم الناس بتبنيها وانجذابهم الشديد نحوها.

وفقًا إلى موقع بي بي سي، فإن تزايد عدد المشاهدات على المحتوى الذي يقدم من الآباء والأمهات جعل هذا النوع من المحتوى مروج له وأصبح بمثابة صناعة مربحة يمكن إدارتها من المنزل. “ولكن بدون لوائح وقوانين عمل تحمي الأطفال الذين يظهرون على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا الفعل قد يتمادى فيه الآباء والأمهات حتى يتحول إلى مصدر أذى”.

قالت هالة عبد الحق، أستاذة علم النفس في الجامعة الأمريكية، أن استغلال الأهالي لأبنائهم هو فعل غير لائق لأن الأباء يقومون بأخذ القرار بالنيابة عن أطفالهم، وهذا يعتبر استغلال مادي للأطفال من قبل الأهل وهو ليس أمرًا جديدًا، فهو مستمر منذ سنوات وحتى الآن.

وفقًا إلى جريدة اليوم السابع، فإن المجلس القومي للأمومة والطفولة قرر عام ٢٠١٩ أن تتم عقوبة مستغلي الأطفال عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالسجن، علاوة على دفع غرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيهًا مصريًا.

يلاقي هذا النوع من النشاطات رواجًا على أكثر من تطبيق تكنولوجي، منها برنامج التيك توك التي يستخدمها الآباء بكثرة لإظهار أطفالهم بصور تنتهك خصوصيتهم.

أوضحت عبد الحق أن الأطفال الذين يكبروا اعتيادًا على أن آبائهم وأمهاتهم يضعونهم تحت الأضواء منذ الصغر، يكبرون بمشاكل نفسية وجسدية، بل وقد تصل تلك المشكلات إلى تعاطي المخدرات وانعدام الثقة بالنفس.

ينتهز كثير من الآباء فرصة أن أبنائهم مازالوا في سن الصغر لكي يدفعونهم إلى هذا العالم، مستغلين طفولتهم لجلب المتابعين. كما أن هناك أهالي يتعمدون، في المقاطع المصورة التي ينشرونها لأطفالهم، أن يجعلوا أبناءهم يطلقون عبارات مضحكة ولكن غير مناسبة لسنهم من أجل بث الطابع الكوميدي.

قالت منار مجدي، طالبة تصميم جرافيكي في في الجامعة الأمريكية للقافلة: “معظم برامج التواصل الاجتماعي لها القدرة على جعل المستخدم ينشر صورًا ومقاطع مسجلة دون أخذ إذن صاحبها بسبب عدم وجود قيود على البرامج المتداولة حاليًا بين الناس، أو قوانين تمنع استغلال الأطفال فيها”.

أضافت مجدي أن عدم وجود قوانين داخل البرامج المستخدمة بين العامة تتيح للمشاهد إعادة نشر المحتوى على نطاق واسع: “لكي تجعل البرامج تمنع الصور والفيديوهات من الانتشار السريع، على الناس الذين يرونها أن يقدموا شكوى للبرنامج نفسه لكي يمنع تداولها بين الناس”.

من الجدير بالذكر أن الأطفال الذين يظهرون على برامج التواصل الاجتماعي يتعرضون للتنمر أكثر من نظرائهم ووفقًا إلى موقع إحصائيات التنمر، فقد تعرض أكثر من نصف المراهقين للتنمر عبر الإنترنت كما أن الأعداد تتزايد كل سنة.

قالت عبد الحق أن تعرض الصغار للميديا له احتمالية كبيرة في أن يؤثرسلبًا على التطور العاطفي والاجتماعي لديهم. وأضافت أن انتهاك خصوصية الطفل تحد من حريته وتعلمه التصنع في سلوكه مع من حوله حتى أنه قد لا يثق في الآخرين، كما أن الطفل قد يفقد تلقائية الأطفال في التصرف والحركة والكلام.

وفقًا إلى موقع (psychology today) يمر الطفل بمراحل عديدة، ولكل مرحلة من مراحل نموه صفة تثقل شخصيته. وعلى الآباء إعطاء مساحة لأطفالهم أن يعيشوا كل مرحلة عمرية على حدة وبتلقائية لا كما يرغب آبائهم، وأنه من الضروري تقبل فكرة احترام خصوصية الطفل وعدم إقحامها في عالم التواصل الاجتماعي مهما كانت النتيجة؛ سلبية أم إيجابية.

تأتي الكثير من السلبيات عندما يرغم الآباء أطفالهم أن يقلدوا أو يفعلوا امر لا يريدونه. وقد أكدت إدارة حماية الطفل في دائرة الخدمات الاجتماعية في مصر أن استغلال الأطفال من قِبَل الأهل عبر شبكات الانترنت والتواصل الاجتماعي يهدد الاستقرار النفسي للطفل مما قد يعرض للابتزاز من المتابعين.

لكي تتجنب الأهالي أي ضرر، من الأفضل أن يتركوا أطفالهم على طبيعتهم حتى يختاروا طريقهم بأنفسهم ويكتشفوا مواهبهم، وإن أرادوا أن يعرضوها على مواقع التواصل الاجتماعي فيما بعد، فهذا قرارهم.