Home Pageالقافلة

هُدى شعراوي: نضال وانتصارات

تقرير: يمنى عامر
الصورة: بوابة الأهرام

ولّى شهر مارس الذي يحتفل به العالم بشكل عام، والمجتمع المصري بشكل خاص، بالمرأة. ومع نهاية الاحتفالات، تقدم لكم القافلة مقالًا عن أبرز السيدات اللاتي أثرن في المجتمع المصرري عبر التاريخ: هدى شعراوي.

 ولدت نور الهدى محمد سلطان في صعيد مصر بمحافظة المنيا في ٢٣ يونيو عام ١٨٧٩، وهي ابنة محمد سلطان باشا رئيس المجلس النيابي الأول في مصر في عهد الخديوي توفيق.

ولدت شعراوي في ظل ما يعرف بعصر الحريم في مصر، حيث لم يكن هناك أية حقوق للمرأة ويسود التمييز بين الرجل والمرأة. تعلمت هدى شعراوي في المنزل حيث تلقت الدروس المنزلية على يد المعلمين ومنها دروس في اللغة العربية والتركية والفرنسية والخط والبيانو. كما حفظت القرآن في سن التاسعة، وهو يُعد حدثًا نادرًا بالنسبة للفتيات في ذلك التوقيت.

تزوجت شعراوي في سن مبكر عندما بلغت الثالثة عشر من ابن عمتها علي شعراوي الذي يكبرها تقريبا ب ٤٠ عامًا، وغيرت لقبها لهدى شعراوي. أثر زواج شعراوي على حياتها بشكل سلبي حتى أنها أصيبت بالاكتئاب وسافرت إلى أوروبا فترة للعلاج، وخلال هذه الرحلة تعرفت على الرائدات النسويات بأوروبا.

قالت دينا حشمت، الكاتبة والأستاذ المساعد بالجامعة الأمريكية في حوارها مع القافلة: “طلبت هدى شعراوي من والدتها وقت زواجها أن يشتمل عقد الزواج على بند عدم زواج علي شعراوي عليها مرة أخرى وأن يطلق زوجته الأولى، لكن بعد زواجهما اكتشفت رجوعه إلى زوجته الأولى فطلبت الطلاق وتطلقت في سن الرابعة عشر بعد زواجها بعام واحد، واستغلت السنوات السبع اللاتي قضتها في بيت والدتها في التعليم”.

عانت شعراوي من التمييز داخل الأسرة بينها وبين أخيها الذي تكبره بحوالي عشر سنوات، مما شكل وعيها بالتمييز والتفرقة بين الولد والبنت، حيث كانت بداية الصدمات اللي واجهتها في حياتها وجعلتها تكره أنوثتها بسبب اهتمام الأسرة بالولد حتى في مواقف مرضها.

بدأت شعراوي العمل الاجتماعي في عام ١٩٠٧ حيث أسست جمعية لرعاية الأطفال، وبعدها بعام نجحت في تخصيص قاعة للمحاضرات والأنشطة النسوية داخل الجامعة المصرية في ١٩٠٨.

بدأ عمل شعراوي النسوي في الظهور خلال ثورة ١٩١٩ حيث قادت أول مظاهرة نسائية تضم حوالي ما يقرب من ٣٠٠ سيدة، والتي خلالها سقطت أول شهيدة نسوية مما زاد من الإرادة والعزيمة الثورية للنساء خلال هذه الفترة. هذا بالإضافة لتأسيسها لجنة حزب الوفد المركزية للسيدات في نفس العام.

علقت الدكتورة إيمان سليمان، مدرس أول ورئيس قسم تعليم اللغة العربية في الجامعة في حوارها مع القافلة: “موقف هدى الوطني من الاحتلال البريطاني وعدم تخوفها من انتقاد السياسات المصرية الكائنة في عهدها يعلمنا التمسك بالحق وإعلانه في وجه القوى الغاشمة مهما كانت سطوتها أو بطشها… ضربت لنا هدى شعراوي مثالًا يحتذى في الريادة النزيهة وصفات القائد المطلوبة وأهمية الوضوح في عرض الفكرة والسعي لجمع التأييد الشعبي للفكرة أو المبادئ التي ينادى بها لنكون أدوات عاملة وقوة فاعلة لتحقيق التغيير الإيجابي”.

وفقًا لموقع العربية ،في عام ١٩٢١ أثناء استقبال المصريين لسعد زغلول عند عودته من المنفي نادت شعراوي برفع السن الأدنى للزواج ل ١٨ عاما بدلًا من ١٦ كما دعت إلى تعليم المرأة ودعم عملها المهني والسياسي، كما دعت أيضًا إلى القضاء على ظاهرة تعدد الزوجات وإلى خلع غطاء الوجه “البرقع” وهو ما رآه المجتمع وقتها انحلالًا.

يذكر موقع المعرفة حضور شعراوي أول مؤتمر دولي للمرأة في روما عام ١٩٢٣، الذي أسست بعده “الاتحاد النسائي المصري” في نفس العام وتولت رئاسته حتى عام ١٩٤٧. كما كانت عضوًا مؤسسًا في “الاتحاد النسائي العربي”، الذي رأسته في العام ١٩٣٥ و في نفس العام صارت نائبة رئيسة لجنة اتحاد المرأة العالمي.

وفقًا لموقع المعرفة، في عام ١٩٤٤ عقدت شعراوي المؤتمر النسائي العربي الذي حضرته مندوبات عن الدول العربية. تم اتخاذ قرارات خاصة بالمساواة بين الرجل والمرأة في هذا المؤتمر، من أهمها: المطالبة بالمساواة في الحقوق السياسية مع الرجل وعلى الأخص حق الانتخاب والحد من سلطة الولي أيًّا كان وجعلها مماثلة لسلطة الوصي والحد من تعدد الزوجات إلا بإذن من القضاء في حالة العقم أو المرض غير القابل للشفاء والجمع بين الجنسين في مرحلتي الطفولة و التعليم الابتدائي.

ذكرت مواقع عديدة، كموقع العربية دوت نت وبي بي سي عربي دعم شعراوي إنشاء نشرة “المرأة العربية” الناطقة باسم الاتحاد النسائي العربي، وأنشأت مجلة l’Egyptienne عام ١٩٢٥ ومجلة المصرية عام ١٩٣٧. بجانب حصول شعراوي على عدة أوسمة ونياشين من الدولة المصرية في حياتها وإطلاق اسمها على العديد من الشوارع والمؤسسات في مصر تكريمًا لها.

أضافت الدكتورة سليمان: “تأثير هدى شعراوي مازال مستحضرًا لأن قضاياها التي بدأت في الدفاع عنها منذ نهايات القرن التاسع عشر وفي النصف الأول من القرن العشرين مازالت قائمة وملحة بل للأسف تبددت الكثير من إنجازاتها التي حققتها حركتها النسائية الرائدة”.

استطردت سليمان أن تأثير شعراوي باق لأننا مازلنا في احتياج إلى مناضلة جديدة تسعى لإطلاق حركة جديدة للتحرر والتقدم، يندمج فيها الدفاع عن حقوق المرأة بالنضال لتحرير مجتمعاتنا وبلادنا من رواسب الماضي.

وفي النهاية قدمت سليمان نصائح للفتيات وللسيدات الآن: “أنصح كل فتاة بأن تحلم ولا تضع سقفًا لأحلامها وأن تكون أحلامها للتأثير وللتغيير ولعدم الخنوع، بل للانطلاق والإبداع وألا تنظر حولها منتظرة من الظروف أن تحقق أحلامها، بل تبحث دائمًا عن الطاقة الكامنة بداخلها للسعي والمثابرة في سبيل تحقيق أحلامها وأن تتسلح بالعلم والمعرفة في سبيل تحقيق ما تريد برغم كل التحديات. أنصحها أن تظل هي الجمال والطاقة والمثابرة والشجاعة والإبداع وأنصحها بأن تظل دائمًا الأمل المستنير بتجارب وخبرات من سبقنها من رائدات”.