FeaturedHome PageOpinionالقافلة

إسكندرية

كتبت: نوران صالح

عشت حياتي كلها في إسكندرية، لحد ما بدأت دراستي في الجامعة الأمريكية في القاهرة ومن اللحظة دي بقضي معظم وقتي في القاهرة ومن هنا بدأت أحس بمشاعر متضاربة كتير.

أول شيء لاحظته هو قدرة “القاهروية” على معرفة الإسكندرانية من لكنتهم. اتعرضت للموقف ده كتير في أول ترم لي في الجامعة؛ في نص الكلام مع شخص يقاطعني بسؤاله “إنتي إسكندرانية صح؟” 

بعد مرحلة إدراك إني إسكندرانية، مرحلة السخرية على لكنتي. ولكن، مش بطريقة مهينة، مجرد هزار مش أكثر. ومن هنا أحب أن أوجه رسالة لأصدقائي القاهروية أن اللكنة الاسكندرانية هي الصح!

مكنتش أعرف في البداية إيه الشيء الواضح أوي في كلامي لحد ما اكتشفت الفرق في اللكنة وخاصًة في المصطلحات زي مستيكة ولبان ومطر وشتى.

وبعد مرحلة إدراك الاختلافات، جت مرحلة إدراك الوحدة. 

على مدار سنيني في القاهرة، جربت كل أنواع المواصلات بين المحافظتين، القطر، السوبر الجيت، “Swvl” وغيرهم. حاجة واحدة بس فضلت ثابتة وهي إني بكيت في كل وسيلة مواصلات كل يوم سبت وأنا راجعة القاهرة.

لأ، ده أنا كمان بكيت كل يوم سبت في أسانسير العمارة. فبعد توديعي لأمي وأبويا وإخواتي ومع أول خطوة في الأسانسير، دموعي بتبدأ تنزل من غير أي محاولات مني لإيقافها..  يوم السبت ده مرهق! 

فكل يوم سبت وخميس مليانين بالمشاعر المختلطة. فالخميس تعب من السفر وفرحة عشان هشوف عيلتي وأصحابي بعد أسبوع طويل في القاهرة. والسبت بيتلخص في ألم الرحيل، ولكن الغريب إن إحساسي بالألم ده مختلط بالحماس؛ حماس رجوعي للاستقلالية!

ممكن أكون ببالغ في شعوري بالوحدة في القاهرة، فأحس بالذنب؛ فأنا وضعي أحسن من ناس كتير. فعلى الأقل عائلة أمي متواجدة في القاهرة٬ ده غير قرب الإسكندرية من القاهرة. 

 مستوعبتش درجة إحساسي بالوحدة إلا لما الإحساس ده قل بقبول أختي في الجامعة ومشاركتها ليا حياتي في القاهرة. فأخيرًا لقيت شخص يشاركني تجربتي ويشجعني في فترات إحباطي.

ومع إن القاهرة كانت مكان مهم لتكوين شخصيتي وقدمت لي فرصة دراسة مجالات شغفي، ولكن تظل إسكندرية بيتي وهويتي وأكتر مكان بحس فيه بالراحة والانتماء.