Opinionالقافلة

هل للـ«AUCians» لغة خاصة؟

كتبت‭:‬عائشة‭ ‬الجعيدي‭ ‬

محررة

هل‭ ‬لاحظت‭ ‬يومًا‭ ‬أننا‭ ‬داخل‭ ‬AUC‭ ‬نتحدث‭ ‬بلغة‭ ‬مختلفة‭ ‬عن‭ ‬الآخرين؟

لا‭ ‬أقصد‭ ‬الإنجليزية‭ ‬بالطبع‭ ‬فهناك‭ ‬ملايين‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬يستطيعون‭ ‬التحدث‭ ‬بها،‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬العربية،‭ ‬وبالتأكيد‭ ‬لا‭ ‬ليست‭ ‬المصرية‭ ‬الدارجة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يفهمها‭ ‬أي‭ ‬مصري‭ ‬في‭ ‬أنحاء‭ ‬البلاد‭.‬

اكتشفت‭ ‬ذلك‭ ‬عندما‭ ‬كنت‭ ‬أتحدث‭ ‬مع‭ ‬صديقتي‭ ‬عن‭ ‬أحداث‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬حياتي‭ ‬الجامعية‭:‬

‮«‬أنا‭ ‬لو‭ ‬ما‭ ‬دكلرتش‭ ‬السمستر‭ ‬هروح‭ ‬الوبينج‮»‬

صديقتي‭ ‬التي‭ ‬تدرس‭ ‬التجارة‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬أخرى‭ ‬وتتحدث‭ ‬الإنجليزية‭ ‬بطلاقة‭ ‬استوقفتني‭ ‬وقالت‭: ‬‮«‬مش‭ ‬فاهمة‭ ‬معلش‭!‬‮»‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الكلمات‭ ‬تبدو‭ ‬مألوفة،‭ ‬ولكننا‭ ‬نستخدمها‭ ‬باعتيادية‭ ‬وكأن‭ ‬هناك‭ ‬قاموسًا‭ ‬ضمنيًا‭ ‬نتعهد‭ ‬باستخدامه‭ ‬منذ‭ ‬أول‭ ‬يوم‭ ‬لنا‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭.‬

اللغة‭ ‬التي‭ ‬نستخدمها‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا‭ ‬الصغير‭ ‬هي‭ ‬خليط‭ ‬من‭ ‬الانجليزية‭ ‬والانجليزية‭ ‬المعربة‭ ‬والعامية‭ ‬المصرية‭ ‬لأن‭ ‬معظم‭ ‬الطلبة‭ ‬مصريين‭ ‬وبالتالي‭ ‬حتى‭ ‬نحن‭ ‬كطلاب‭ ‬أجانب‭ ‬أصبحنا‭ ‬نتحدث‭ ‬بنفس‭ ‬الطريقة،‭ ‬حتى‭ ‬المصرية‭ ‬التي‭ ‬نتحدث‭ ‬بها‭ ‬ليست‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬يتحدث‭ ‬بها‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬القديمة‭ ‬ولا‭ ‬الضواحي‭ ‬ولا‭ ‬الأرياف،‭ ‬ولكنها‭ ‬لهجة‭ ‬مستحدثة‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬أسلوب‭ ‬حياة‭ ‬الطبقة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬يأتي‭ ‬منها‭ ‬معظم‭ ‬الطلاب‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬مباني‭ ‬وأقسام‭ ‬الجامعة‭ ‬وقاعاتها‭ ‬وخدماتها‭ ‬ومطاعمها‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬أسماء‭ ‬ثابتة‭ ‬من‭ ‬سنوات‭ ‬عديدة‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬قاموسنا‭ ‬أيضا‭ ‬خصوصًا‭ ‬وأن‭ ‬جامعتنا‭ ‬تحرص‭ ‬على‭ ‬تسمية‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬حتى‭ ‬الأشجار‭ ‬والنوافير‭!‬

هذه‭ ‬ليست‭ ‬ظاهرة‭ ‬متعلقة‭ ‬بمجتمع‭ ‬الجامعة‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬علم‭ ‬خاص‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬علم‭ ‬اللغة‭ ‬الاجتماعي‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬sociolinguistic‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬يدرس‭ ‬تأثير‭ ‬اللغة‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬وتأثيرها‭ ‬بمظاهره‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬والسياسية‭ ‬كما‭ ‬تتأثر‭ ‬بالعرق‭ ‬والفئة‭ ‬العمرية‭ ‬والدين‭ ‬ومستوى‭ ‬التعليم‭ ‬والموقع‭ ‬الجغرافي‭ ‬إلخ،‭ ‬حيث‭ ‬نلاحظ‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬متنوع‭ ‬الثقافات‭ ‬والأعراق‭ ‬مثل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لا‭ ‬تختلف‭ ‬اللهجة‭ ‬واللكنة‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬أقلية‭ ‬إلى‭ ‬أقلية‭ ‬بل‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تركيب‭ ‬الجمل‭ ‬وتحوير‭ ‬المصطلحات‭ ‬أنها‭ ‬لغات‭ ‬تتغير‭ ‬من‭ ‬مجتمع‭ ‬الأمريكيين‭ ‬السود‭ ‬إلى‭ ‬الأمريكيين‭ ‬اللاتينيين‭ ‬إلى‭ ‬الأمريكيين‭ ‬الآسيويين‭ ‬وهلمّ‭ ‬جرًا‭ ‬فمثلًا‭:‬

تستخدم‭ ‬بعض‭ ‬الطبقات‭ ‬جمل‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬Ygotta‭ ‬‮«‬do it‭ ‬بينما‭ ‬الجملة‭ ‬الصحيحة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تتداول‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الطبقات‭ ‬المتعلمة‭ ‬هي‭ ‬‮«‬You have to do‮»‬‭.‬

ولكن‭! ‬بسبب‭ ‬طمس‭ ‬الحدود‭ ‬بين‭ ‬الثقافات‭ ‬والانفتاح‭ ‬الهائل‭ ‬الذي‭ ‬أحضرته‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬إلى‭ ‬عالمنا،‭ ‬أصبح‭ ‬الكثيرون‭ ‬يستخدمون‭ ‬هذه‭ ‬المصطلحات‭ ‬ربما‭ ‬لأنها‭ ‬أسهل‭ ‬ولأنهم‭ ‬يريدون‭ ‬أن‭ ‬يتميزوا‭ ‬كشباب‭ ‬أو‭ ‬لأن‭ ‬تلك‭ ‬الأقليات‭ ‬فرضتها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأفلام‭ ‬وأغاني‭ ‬الراب‭ ‬ليعبروا‭ ‬عن‭ ‬أنفسهم‭ ‬ويقولوا‭ ‬نحن‭ ‬هنا‭!‬

هذا‭ ‬بالنسبة‭ ‬للغات‭ ‬التي‭ ‬أصبح‭ ‬يعرفها‭ ‬الجميع،‭ ‬ولكن‭ ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الثلاثينيات‭ ‬ربما‭ ‬ستصدم‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬لغة‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬عنها‭ ‬شيئًا‭ ‬وهي‭ ‬‮«‬لغة‭ ‬الديب‭ ‬ويب‮»‬‭ ‬أو‭ ‬الـ‭ ‬‮«‬Deep Web‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أصبح‭ ‬يستخدمها‭ ‬المراهقين‭ ‬خصوصًا‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬ويفهمون‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬‮«‬الميمز‮»‬‭ ‬والنكت‭ ‬الجديدة‭ ‬وإلا‭ ‬ستصبح‭ ‬‮«‬نرم‮»‬‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬عادي‭ ‬ولست‭ ‬مواكبًا‭ ‬أو‭ ‬‮«‬روش‮»‬‭. ‬

ما‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أتوصل‭ ‬إليه‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬جامعتنا‭ ‬التي‭ ‬احتفلنا‭ ‬منذ‭ ‬سنتين‭ ‬بعامها‭ ‬المائة‭ ‬شكّلت‭ ‬لدى‭ ‬طلابها‭ ‬وعيًا‭ ‬جماعيًا‭ ‬معينًا‭ ‬والذين‭ ‬تخرجوا‭ ‬لينجبوا‭ ‬بدورهم‭ ‬جيلًا‭ ‬ثانٍ‭ ‬وثالث‭ ‬نشأ‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬الوعي‭ ‬وإذا‭ ‬أضفنا‭ ‬كل‭ ‬العوامل‭ ‬السابقة‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬اللغة‭ ‬سنجد‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬ينتمون‭ ‬لهذا‭ ‬الصرح‭ ‬يتشاركون‭ ‬هذه‭ ‬المظاهر‭ ‬الثقافية‭ ‬فعلًا،‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬انتماءنا‭ ‬وفخرنا‭ ‬بالجامعة‭ ‬ومجتمعها‭ ‬الذي‭ ‬سيمتد‭ ‬لسنوات‭ ‬بعد‭ ‬تخرجنا‭ ‬يتعلق‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬منه‭ ‬باللغة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬وسيلة‭ ‬لتبادل‭ ‬الرسائل‭ ‬فيما‭ ‬بيننا‭ ‬البين‭ ‬تشعرنا‭ ‬بالتميز‭ ‬وبأننا‭ ‬مفهومين‭.‬