Uncategorizedالسياسة

وسائل الإعلام الغربية وغياب المهنية

تحرير: عائشة الجعيدي

صورة التقطها فريدة ياسين

لقد أشعلت الحرب الإسرائيلية على غزة، التي ترد فيها على هجمات المقاومة الفلسطينية حماس، مرة أخرى المناقشات في جميع أنحاء العالم.

بدأت الحرب الأخيرة في ٧ أكتوبر عندما أطلقت حماس أكثر من ٥٠٠٠ صاروخ على الأراضي الإسرائيلية في عملية أطلق عليها اسم “طوفان الأقصى”.

في خضم هذا الاضطراب، أصبح دور وسائل الإعلام الغربية تحت المجهر، مع مخاوف بشأن التحيّز المحتمل في تقاريرها. وأشار الكثير من الناشطين حول العالم إلى ضرورة تسليط الضوء على استخدام لغة هذه الوسائل الإعلامية وتأثيرها على الرأي العام.

قال علاء عبد الغني، نائب رئيس تحرير الأهرام الأسبق، في لقاء مع فريق القافلة، “تُسلط وسائل الإعلام الإسرائيلية والغربية الضوء على هجوم حماس في السابع من أكتوبر، بدون ذكر أنه لم يحدث من فراغ، وأن هناك احتلالاً دام ٧٥ عامًا أدى إلى الهجوم”.

واجهت بعض وسائل الإعلام الغربية، التي غالبًا ما توصف بأنها وسائل إعلام تقليدية، انتقادات بسبب محاباة واضحة تجاه المنظور الإسرائيلي على المنظور الفلسطيني. 

أضاف عبد الغني “يمتلك الشعب اليهودي الكثير من وسائل الإعلام وشركات الإعلان في نيويورك، ولهم تأثير كبير على محتوى  الصحف والقنوات التلفزيونية، ومن الطبيعي أن تكون الأخبار الواردة من هناك حول الحرب منحرفة للغاية لصالح إسرائيل”.

يرى عبد الغني بأن هذا التحيز يشوه واقع الحرب ويعيق قدرة الجمهور على تكوين وجهة نظر موضوعية.

قالت ناريمان المفتي، المصورة الصحفية السابقة لوكالة أسوشيتد بريس، في مقابلة مع القافلة “وسائل الإعلام الغربية تأتي من الغرب وستكون أولوياتهم دائمًا هي بلدانهم وكيف تنظر حكوماتهم ودافعي الضرائب إلى الصراع بدلاً من سرد الشرق الأوسط ناظرين للقوى العظمى”.

أحد الأمثلة البارزة على هذا التحيز هو إدعاء “٤٠ طفلًا مقطوع الرأس” الذي انتشر بشدة من خلال بعض وسائل الإعلام الغربية ومنصات التواصل الاجتماعي، رغم أنه لم يتم التحقق منه.

أضاف عبد الغني، “نشرت مراسلة i24 News مقطعين على موقع التواصل X أحدهما تقول فيه إن ٤٠ رضيعًا على الأقل ماتوا، والفيديو الآخر يقول إن رؤوس الأطفال مقطوعة. تم دمج الإدعاءات معًا إلى “قطع رؤوس ٤٠ طفلاً”. وهذا ما نشرته وسائل الإعلام الغربية دون توقف، ولم تتركه بالرغم من وجود أدلة تثبت عكس ذلك”.

على رغم من أن الرئيس الأمريكي جو بايدن هو أول من أكد صحة هذا الخبر الكاذب في مؤتمر صحفي، إلا أنه تنصل منه لاحقًا.

رغم ذلك، لم تعتذر أي منصة إعلامية عن نشر هذه الادعاءات دون دليل. إلا أن نشرت “ان بي سي” نيوز الأمريكية مقال تُكذب خبر قطع رؤوس ٤٠ رضيعًا، واكد  المقال أنه لا يوجد أدلة للتأكد من صحة الخبر. 

مثل هذه الادعاءات الكاذبة يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة حيث يمكن أن تؤدي إلى تفاقم التوترات وإثارة الغضب، مما يجعل حل النزاعات ووقف إطلاق النار أكثر صعوبة.

كانت مسألة استخدام المفردات  في التقارير الإعلامية نقطة خلافية.على سبيل المثال عند الإشارة إلى الخسائر الإسرائيلية، غالبا ما تستخدم وسائل الإعلام مصطلح “قتلى”. ومع ذلك، عند الإبلاغ عن المدنيين الفلسطينيين الذين قتلوا في الغارات الجوية الإسرائيلية، كثيرًا ما يستخدمون عبارة “مات العديد من الفلسطينيين”. 

أضافت المفتي “اللغة مهمة للغاية ووسائل الإعلام الغربية تتبع “كتاب الأنماط” الذي هو في الأساس مجموعة من المبادئ التوجيهية والمعايير التي يجب استخدامها عند كتابة خبر معين. ولكن يتم إنشاء لغة جديدة مع كلمات جديدة اعتمادًا على الصراع أو المشكلة”.

هذا التناقض في اللغة يمكن أن يشير إلى عدم تناسب في قيمة الأرواح البشرية المفقودة، ونزع الإنسانية وتشكيل الرأي العام على هذا الأساس.

قالت المفتي، “أعتقد أن استخدام كلمات مثل الحرب والصراع والإبادة الجماعية والتطهير العرقي يمكن أن يساهم في روايات مختلفة في العناوين الرئيسية في وسائل الإعلام الغربية”.

يرى الكثير من العاملين في مجال الصحافة والإعلام أن تغطية  الحروب له دور محوري حيث يجب على الصحفيين والمؤسسات الإعلامية الالتزام بمبادئ الدقة والإنصاف والموضوعية لمنع التغطية المنحازة  التي يمكن أن تحرض على الكراهية وتنشر معلومات مضللة وتعيق العدالة. 

شرحت المفتي أن “الناس بحاجة إلى متابعة الصحفيين المهنيين الذين يغطون كل هذه الأحداث ا. في هذه الأيام، يجب أن نثق بالصحفي وليس بالنشرة. أود أن أقول ركز أكثر على معرفة الشخص الذي يقف وراء القصة ومعرفة ما فعلوه في حياتهم المهنية، إذا كنت تثق بهم فسوف تنتظر وتثق في تقاريرهم وسردياتهم . أعتقد أيضًا أن المستهلكين يمكنهم التحكم في السرد حيث رأينا أمثلة لمواطنين يكسرون الحواجز ويحللون الأخبار لجمهور إقليمي أكبر”.

حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة هي قضية مثيرة للجدل، يتعين على وسائل الإعلام توفير تغطية متوازنة ومحققة ومسؤولة.