Arts and CultureFeaturedHome PageOpinionSpotlight

عيار ناري: الطريق الى مأزق اضطراري

يتناول فيلم عيار ناري قضية رأي عام تناقش فيها الجوانب الأخلاقية والمهنية في رحلة البحث عن حقيقة موت شاب اسمه علاء أبو زيد في ظروف غير واضحة، والذي يقوم الفنان أحمد مالك بتجسيد شخصيته.

«اللي بتكرره الناس هو الحقيقة»، هكذا قال الدكتور يس، طبيب من الطب الشرعي، الذي يقوم بدوره الفنان أحمد الفيشاوي بعد أن وقع في مأزق بسبب كتابته لتقرير وفاة الشاب.

يواجه الدكتور يس مشاكل شخصية في حياته مما يدفعه إلى شرب الخمر حتى أثناء تأدية عمله لكن لا يتأثر عمله من عادته السيئة حيث لديه خبرة كبيرة في تحديد أسباب وفاة الحالات التي تأتي إلى المشرحة.

كان يس مصدر ثقة للجميع في الطب الشرعي حتى أتت له جثة أبو زيد الذي يزعم الناس أنه قتل أثناء أحداث مظاهرة توفي فيها حوالي عشرة شهداء.

بعد فحص الجثة تبين أن عملية القتل لم تتم من مسافة قريبة مما يشكك في صحة أقوال الشهود والذي أدى إلى تغيرات جسيمة في حياة يس.

أتت تلك التغيرات بعد أن قامت مها، صحفية بقسم التحقيقات والتي تقوم الفنانة روبي بتجسيدها، بنشر التقرير الطبي للدكتور يس في الجريدة بعد أن دفعت رشاوى للحصول على التقرير. ظنت مها أنه عندما يتم نشر الخبر فسوف تكشف قضية فساد وتواطؤ بين الطب الشرعي والداخلية، حيث نفي التقرير أن يكون إطلاق النار قد تم من مسافة بعيدة.

كما قامت مها بنشر عادات الطبيب السيئة في الجريدة، وذكر ملفات والده القديمة للتضعيف من موقفه. قامت أيضًا كبيرة أطباء الطب الشرعي بنفي التقرير الذي كتبه يس و تحويله للتحقيق.

تستمر أحداث الفيلم في محاولات الدكتور يس في البحث عن الحقيقة ورد اعتباره، كما ساهم خالد شقيق القتيل، عاملاً في أحدى المحاجر والذي يقوم بدوره الفنان محمد ممدوح، في اكتشاف خفايا تساهم في حل القضية.

عيار ناري يعرض قضايا تحدث في المجتمع المصري، مثل التزوير وتشويه السمعة وفساد المؤسسات ومهاجمة من يخالف الأغلبية. لذلك يحكي الفيلم كيفية تغلب الدكتور يس علي الصعوبات المهنية والاجتماعية التي تواجهه، كما يوضح الفيلم إصلاح مشاكله الشخصية.

حصل عيار ناري على اهتمام كبير من قبل الناس لأنه يتحدث عن قضية اجتماعية جديدة للسينما المصرية. هذا الاهتمام مشابه للاهتمام الذي حصل عليه فيلم الفيشاوي الأخير «الشيخ جاكسون» والذي تم عرضه في ٢٠١٧، عندما كان يوجد في حياة بطل الفيلم حواجز من المجتمع للحصول على حريته.

هناك العديد من الفروقات بين فيلم الشيخ جاكسون و فيلم عيار ناري، فكلاهما يعرض قضايا المجتمع، ولكن عيار ناري كان يناقش تلك القضايا من الجانب الأخلاقي بينما ناقشها الشيخ جاكسون من الجانب السلوكي و النفسي.

كان عيار ناري أيضًا يناقش أحداث جريمة قتل وفساد داخل المؤسسات الحكومية و ربما بالغ في إظهار الطبيب وهو يشرب الخمر أثناء تأدية عمله بعلم زملائه. بينما ناقش الشيخ جاكسون قضية الانتماء من خلال اقتناء وجهات نظر لا يرحب بها المجتمع مما يؤثر على هوية الشخص.

احتوى فيلم عيار ناري على العديد من المشاهد المبالغ فيها. على سبيل المثال، مشهد شرب الدكتور يس للخمر بالمقابر.

لم يضف هذا المشهد شيئًا للفيلم، بالإضافة إلى عدم احترام قدسية المقابر.

أيضًا، صور الفيلم العاملين في الطب الشرعي كفاسدين، منهم الطبيب السكري (الذي يشرب الخمر أثناء تأدية عمله) والموظف المرتشي وكبيرة الأطباء مزورة وممرضة واشية وثلاجات الجثث تستخدم للاحتفاظ بالخمور ولم بعكس أي شخصية.

هذا عمل درامي ولكنه يوضح أن واحدة من كبرى المؤسسات الطبية في مصر مليئة بالفساد ولا يوجد شيء إيجابي فيها إلا الدكتور يس الذي تحاربه إدارة المستشفى الذي يفترض أنهم أدوا قسم المهنة. بالتأكيد يوجد في كل مجال فاسدون و لكن كان حجم الفساد في الفيلم مبالغًا فيه.

علي الجانب الآخر، يصف الفيلم مهنة الصحافة بإجابية حيث كان يروي محاولات الصحفية المجتهدة في كشف الحقيقة وأنها مارست الصحافة الإستقصائية للكشف عن الحقيقة والوصول إلى معلومات لتفيد القضية.

كان رئيس تحرير الجريدة بالفيلم أيضًا رجلًا شريفًا، يبحث عن الحقائق المثبتة لكي تصل المعلومات للقاراء بوضوح شديد. وأن الصحيفة لا تريد التحيز لأي صف، بل هدفها هو الوصول للحياد في زمام الأمور.

أصبحت افلام الفيشاوي تلفت اهتمام الناس لأن أفكار الأفلام جديدة و تروي قصصًا بطريقة فريدة من نوعها ومن منظور لم ينظر إليه الناس أومن قبل ويتم معالجته بشكل مختلف.

من اللافت للنظر أن أفلام الفيشاوي الأخيرة أدت إلى تنوع و اختلاف الآراء حولها لأن كل شخص لديه تحليل مختلف للقضية و تصورات لتصرفات مختلفة في حالة حدوث مواقف مشابهة.

ولكن يبقى السؤال، ماذا كنت ستفعل عندما تكتشف حقيقة مقتل علاء أبو زيد؟ هل كنت ستنشر الحقيقة أم لا؟