OpinionSpotlight

تذاكر الحفل مقابل 33878733467674 جنيه

نفس السيناريو المكرر. من المسائلات الأخلاقية الي محاضرات الاقتصاد.

كل ترم, مع أي حفلة أو حدث ضخم يعقد بحرم الجامعة, تملأ المناقشات صفحة «صنف دكاترة الجامعة الأمريكية» Rate AUC Professors Group) على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.

يلجأ الطلاب الي هذه الصفحة حين يريدون التعليق علي شئ ما, عرض المساعدة على الطلاب الاخرون, أو السؤال عن أمور تخص الحرم الجامعي.

هذه المرة, اجتمع الطلاب على الصفحة لمناقشة أخلاقية وشرعية بيع تذاكر الحفل بأكثر من ثلاثة أضعاف سعرها الأساسي.

المؤسسة الطلابية للتنمية (Developers Club) ستعقد حفلا للفنانين المصريين تامر حسني ومحمود العسيلي يوم الجمعة, 9 نوفمبر.

تم الاعلان عن بيع كل التذاكر يوم الاثنين الماضي, ولذلك بدأ الناس يسألون عن اتاحة تذاكر اضافية على صفحة الفيسبوك.

كالعادة, قرر الطلاب الذين لديهم تذاكر اضافية بيعهم بأسعار أفضل وصفها بالخيالية.

كان سعر التذكرة الأساسي 357 جنيه مصري. قبل أسبوع من الحفل, وصل سعر التذكرة بين الطلاب من 800 جنيه الي 1000 جنيه مصري باسم التجارة.

لا أنتوي أن أكمل مناقشتهم هنا, ولكن تبريراتهم وتطبيعهم للمشكلة بصراحة شديدة, أبهرني..

بالنسبة اليهم, الموضوع يتمثل في نظرية الاقتصاد العرض والطلب. بيعت كل التذاكر, أمتلك منتجات محدودة, العديد من الناس مستعدين للدفع, أعلى سعر يكسب. انتهت القصة.

ولكن, المشكلة أننا لسنا مشروع تجاري. أتفهم مبدأ العرض والطلب إذا قرر المنظمون للحفلة البيع بتلك الطريقة. فهم بالفعل عملوا على كسب الربح, دفعوا للمغنين كما دفعوا الضرائب.

أنت في المقابل, لم تفعل أي شي من ذلك. ومع هذا, تعتقد أنه من العدل أن تؤسس سوقك السوداء وكسب ثلاثة أضعاف الأرباح أو أكثر على طبق من فضة.

وحتى ذلك ليس غرضي من كتابة هذا المقال. فما يبهرني حقا هو كيفية انغماسنا الشديد في نظامنا الرأسمالي, بدون أن نشعر. فأصبح كل شئ يترجم إلى المال والتجارة.

هذه ليست أول مرة أن ألاحظ كيف يستغل البعض من الطلاب أي فرصة لتحقيق الأرباح, حتى في المواقف الغير ربحية عموما.

على سبيل المثال, اذا طلبت من أحدهم عقد تدريب لفريق عملك, يضيقون جزء من التكلفة لربحهم الشخصي فقط لأنهم أجروا مكالمة هاتفية, أو كما نقول بالعامية, سمسرة يعني.

لا أقصد أبدا أن أحكم على أفعال أي شخص, فكل منا حر ليفعل ما يشاء.

ولكن ما حقا يعنيني هو أين تأخذنا تلك العلاقات التي تحولت إلى مجرد حسابات مسجلة؟

تقليص الانسنان لمجرد آلة لانتاج المال كان دائما شيئا مثيرا للمشاكل, فتصبح حياتة عبارة عن حلقات لا نهائية من الاستغلال والدمار.

يؤدي هذا الي فساد الموراد الاقتصادية, الناس, العلاقات الانسانية, البيئة ومن يعلم ماذا يفسد المال أيضا. وتكمن المشكلة في عدم التوقف هنا فقط, بل نظل نريد المزيد والمزيد والمزيد.

لزيادة سوء الوضع, لا نستطيع أن نلوم أى شخص على ذلك. فهذه طبيعة النظام الذي يتبعه العالم, يجبر المجتمعات على احترام الغني فقط, محولا الناس الي فئران على الساقية. منهكين وأيضا غير راضين.

ويستمر السباق.