Opinion

ماذا تفعل لو كنت مكاني؟

كتبت‭: ‬مونيكا‭ ‬نجيب

محررة

منذ‭ ‬بضعة‭ ‬أيام،‭ ‬تلقيت‭ ‬خبر‭ ‬إصابة‭ ‬احد‭ ‬الأشخاص‭ ‬المقربين‭ ‬لي‭ ‬بالسرطان‭.‬

‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬باص‭ ‬الجامعة‭ ‬عائدة‭ ‬إلى‭ ‬المنزل‭. ‬تأثرت‭ ‬كثيرًا‭ ‬و‭ ‬تقريبُا‭ ‬بدأت‭ ‬بالبكاء‭. ‬بالأخص‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬الشخص‭ ‬لديه‭ ‬تاريخ‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬المرض،‭ ‬فشعرت‭ ‬بالخوف‭ ‬من‭ ‬ألّا‭ ‬ينجو‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭.‬

بالفعل‭ ‬انتشر‭ ‬المرض‭ ‬في‭ ‬منطقتين‭ ‬مختلفين‭ ‬في‭ ‬جسده،‭ ‬بنسبة‭ ‬بسيطة،‭ ‬ولكن‭ ‬يظل‭ ‬هذا‭ ‬شئ‭ ‬مخيف‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭. ‬

تذكرت‭ ‬جدتي،‭ ‬فكلمة‭ ‬السرطان‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬تقترن‭ ‬دائمًا‭ ‬بوفاتها‭.‬

‭ ‬توفيت‭ ‬جدتي‭ ‬إثر‭ ‬سرطان‭ ‬الدم‭ ‬عندما‭ ‬كنت‭ ‬صغيرة‭. ‬لم‭ ‬تسنحْ‭ ‬لي‭ ‬الفرصة‭ ‬أن‭ ‬أتعامل‭ ‬معها‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬أعرفها‭. ‬فقد‭ ‬عرفت‭ ‬شكلها‭ ‬من‭ ‬صورة‭ ‬واحدة‭ ‬لها‭ ‬معلقة‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬جدران‭ ‬غرفة‭ ‬أمي‭. ‬

ولكن،‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يمنع‭ ‬أني‭ ‬أحبها‭ ‬جدًا‭. ‬قصص‭ ‬أمي‭ ‬عنها‭ ‬تلمسني‭ ‬بشدة‭. ‬كانت‭ ‬شخصًا‭ ‬رائعًا‭. ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬أتخيل‭ ‬حياتنا‭ ‬معًا‭ ‬وأتحدث‭ ‬إلي‭ ‬صورتها‭. ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أخبرها‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬أسراري‭ ‬ومخاوفي‭. ‬ربما‭ ‬كنت‭ ‬سأصبح‭ ‬شخصًا‭ ‬أفضل‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬بجانبي‭. ‬يذهب‭ ‬معظم‭ ‬أصدقائي‭ ‬من‭ ‬وإلي‭ ‬جدتهم‭ ‬منذ‭ ‬الطفولة‭. ‬لكنني‭ ‬لا‭ ‬أفعل‭ ‬ذلك‭ ‬لأن‭ ‬السرطان‭ ‬أخذها‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتسنى‭ ‬لي‭ ‬معرفتها‭.‬

بدأت‭ ‬هذه‭ ‬الأفكار‭ ‬المخيفة‭ ‬تغذوا‭ ‬عقلي‭. ‬توترت‭ ‬كثيرًا‭ ‬ولكني‭ ‬تماسكت‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬بأستثناء‭ ‬بضع‭ ‬دمعات‭ ‬لم‭ ‬أستطيع‭ ‬حبسها‭. ‬

تمنيت‭ ‬أن‭ ‬يلاحظ‭ ‬أحد‭ ‬ويسألني‭ ‬‮«‬ماذا‭ ‬بِك‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬حتي‭ ‬أن‭ ‬يبتسم‭ ‬لي،‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭. ‬على‭ ‬أية‭ ‬حال‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ذلك‭ ‬بشئ‭ ‬مفاجئ‭ ‬بالنسبِة‭ ‬لي‭. ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬المألوف،‭ ‬والغير‭ ‬مألوف‭ ‬هو‭ ‬التدخل‭ ‬لمواساة‭ ‬شخص‭ ‬غريب‭ ‬لا‭ ‬تعرفه‭. ‬بالطبع‭ ‬كان‭ ‬لهذا‭ ‬التدخل‭ ‬ان‭ ‬يحدث‭ ‬فرقًا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬أو‭ ‬لأي‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬موقفي،‭ ‬ولكنه‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭.‬

أنا‭ ‬لا‭ ‬ألقي‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬أحد‭. ‬وذلك‭ ‬لان‭ ‬أغلبنا‭ ‬غير‭ ‬معتاد‭ ‬على‭ ‬التحدث‭ ‬مع‭ ‬الغرباء،‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬نشعر‭ ‬بالراحة‭ ‬عندما‭ ‬نفعل‭ ‬ذلك،‭ ‬ولكن‭ ‬بالتأكيد‭ ‬سوف‭ ‬تعطينا‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأفعال‭ ‬شعورًا‭ ‬جيدًا‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الأمر‭. ‬

انا‭ ‬أتمنى‭ ‬فقط‭  ‬ممن‭ ‬يقرأون‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬بأن‭ ‬يهتموا‭ ‬بهذه‭ ‬المواقف‭ ‬الصغيرة،‭ ‬عندما‭ ‬يروون‭ ‬شخص‭ ‬غريب‭ ‬في‭ ‬ضيق‭ ‬أو‭ ‬علي‭ ‬وشك‭ ‬الانهيار‭. ‬وأن‭ ‬لا‭ ‬يبخلوا‭ ‬ببعض‭ ‬كلمات‭ ‬المواساة،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬تقليدية،‭ ‬على‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬أمس‭ ‬الحاجة‭ ‬إليها‭. ‬فذلك‭ ‬لن‭ ‬يكلفنا‭ ‬شيء‭. ‬ولكن‭ ‬ربما‭ ‬سيجعل‭ ‬يوم‭ ‬شخص‭ ‬أخر،‭ ‬أفضل‭ ‬بقليل‭. ‬