Home PageOpinion

اللـي خلـف مامتش، بس اتنين كفاية

كتبت: منة هارون

محررة

“هنفرح بيكي أمتي؟” وما أن يفرحوا بها – أي تتزوج الفتاة- يأتي السؤال الذي في رأيي لا يقل ازعاجًا، “مافيش حاجة في السكة؟” وبالطبع هم يقصدون ب”الحاجة” الأطفال، أولئك الكائنات الصغيرة التي تملأ المنزل ضجة وازعاج وهم يقولون “ونس وروح”. ولكن هل مازالت مصر تستطيع استيعاب المزيد من الأطفال وصخبهم؟

فقد أعلن الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء يوم الحادي عشر من فبراير عن وصول عدد الشعب المصري إلى ١٠٠مليون نسمة، وذلك بسبب ارتفاع معدلات المواليد والخصوبة. ولكن هل يعتبر ذلك نعمة أم نقمة؟ فدائما ما كنت اتسائل حينما ألتقي بعائلة لديها أطفال كثيرة، لماذا فعلوا بأنفسهم ذلك؟ وهل كان ذلك ضروريًا؟ خصيصًا أن معظم تلك العائلات تكون من محدودي الدخل وبالكاد يجدون ما يشبع جوعهم، فلماذا يزيدون من الحمل على عاتقهم بكثرة الأولاد؟

فعلي الرغم من أن ثلث المصريون يعيشون تحت خط الفقر، إلا أنهم مصرين على التكاثر. ولكن لكلًا أسبابه، فقد يرون في الأطفال فرصة لزيادة معدل الدخل الخاص بالأسرة، وسند للعائلة حينما يشيخ رب المنزل. بالإضافة إلى أهم الأسباب، وهو شبه انعدام توافر وسائل منع الحمل لتلك الأسر وانعدام الوعي الثقافي عن المشاكل التي قد يؤدي إليها زيادة أفراد الأسرة.

لذلك، سعدت حينما قرأت خبر سحر السنباطي، رئيسة قطاع السكان وتنظيم الأسرة، ببدء برنامج تنظيم الأسرة في المستشفيات الحكومية بدايةً من شهر مايو القادم، وهو برنامج يسعى إلى توفير وسائل منع الحمل للسيدات الغير قادرين على توفيره، وتوعيتهم اكثر بأهميته.

وبذلك ستزداد نسبة استخدام موانع الحمل من ٥٨ بالمئة في عام ٢٠١٤ إلى ٧١ بالمئة في عام ٢٠٣٠. وشعار تلك المبادرة هو “اتنين كفاية” وهو ما أراه في رأيي صحيح.

وعلى صعيد آخر، في كل مرة أقابل بها زوجين لم يحتفلون بعيد زواجهم الأول بعد وأفاجأ بأن المرأة حامل في شهرها الخامس. تنتابني الحيرة وأفكر.. لما العجلة؟ أليس العمر طويلًا كما يُقال؟ وما يزيد من حيرتي في أمرهم هو انتمائهم إلى الفئة المتعلمة من المجتمع.. وهذا يُعني أنهم على درجة وعي كافية بتباعيات قرارهم. ولكن على صعيد آخر، قد يفكر حديثي الزواج من تلك الفئة أن طالما هم يستطيعون تحمل تكاليف وتباعيات ذلك القرار.. فلمَ لا؟

أعلم أن هناك أسباب كثيرة للخلفة، كالرغبة في تكوين أسرة، الحفاظ على اسم العائلة، إضافة معنى للحياة، أو ربما فقط للعطاء والحصول على الحب غير المشروط.

ولكن أكثر ما يخيفني هو الخلفة فقط بسبب الضغط المجتمعي، واصرار “الجارة في الدور الرابع” على أن تشهد أطفال العائلة واحدًا تلو الآخر. فأنا لا أعتقد أن الخلفة قرار سهل البتة، ويجب أن يؤخذ بمنتهى العناية ويكون كل من الطرفين راغب وقادر على ذلك القرار.. سواء ماديًا، نفسيًا ومعنويًا. فالخلفة ليست للجميع.