القافلة

كيف تصل مصر إلى معايير جيدة لجودة العمل؟

تقرير: عبدالعزيز أبوالخير
تصوير: دانيا العكاوي

عقدت وحدة البحث عن حلول السياسات البديلة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ندوة عبر بث مباشر خلال فيسبوك تحت عنوان: “العمل اللائق: الحلقة المفقودة بين النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية”.

استضافت الندوة د.كيرستن زينبروخ، أستاذة في البرنامج العالمي بالأكاديمية البريطانية؛ ود.راجي أسعد، اقتصادي مصري وأستاذ التخطيط والشؤون العامة بكلية همفري بجامعة مينيسوتا.

أدار النقاش محمد جاد، صحفي مصري متخصص في الشئون المصرية حيث تناولت الندوة موضوع العمل اللائق بشكل غير تقليدي وقامت بتدشين مقياس لجودة العمل تم اقتراحه في العديد من الدول بأمريكا الجنوبية والوسطى بهدف تحسين جودة العمل بشكل مستدام مما يساعد على تحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة مثل القضاء على الفقر و الجوع وتوفير العمل اللائق للجميع.

تحدثت زينبروخ عن المعايير والمتغيرات التي تم قياسها في مقياس جودة العمل، والتي تضمنت مستوى الدخل واستقرار العمل من خلال خاصية وجود عقد من انعدامه، الأمر الذي يُعَد مهم في مصر نظرًا لوجود نسبة كبيرة من العمالة غير الرسمية وظروف العمل غير الجيدة التي تفتقر إلى وجود تأمينات صحية والعمل في المنشأة ووجود ساعات عمل مقبولة أو خلاف ذلك.

وأظهرالمقياس أن أزمة كورونا ألقت الضوء على العديد من المشاكل بسوق العمالة .

قالت زينبروخ: “ساعدت أزمة كورونا في غياب العدالة وهشاشة سوق العمل وما تم إثباته في حالة مصر أن النمو الاقتصادي غير مقرون بتحسين جودة العمل”.

وفقًا إلى المنظمة الدولية للعمالة، أدت أزمة كورونا إلى فقدان ١.٦ مليار وظيفة في القطاع غير الرسمي عالميًّا. مما أدى إلى عدم استقرار العمل في هذا القطاع.

من دوافع تدشين مقياس جودة العمل هو أن المؤسسات لا تستطيع إدارة جودة العمالة إن لم تستطع قياسها، وأن تدهور جودة العمل من المشاكل التي يجب على واضعي السياسات التركيز عليها.

أظهر المؤشر أنه بغض النظر عن النمو الاقتصادي الذي شهدته مصر في الآونة الأخيرة، ارتفعت معدلات الفقر من ٥٥٪في عام ٦ ٢٠٠ إلى ٧٣.٣٪ في ٢٠١٨ طبقًا للمقياس الذي يضع خط الفقر عند انعدام القدرة على شراء أربع حصص من الاحتياجات الغذائية الأساسية في الشهر؛ مع الأخذ في الاعتبار أن المقياس بحاجة إلى مزيد من البيانات عن العمالة غير الرسمية وبحاجة أيضًا إلى أخذ المزيد من المتغيرات في الحسبان.

أضافت زينبروخ أن مشاركة المرأة بالقوى العاملة ضئيلة، حيث أن نسبة مشاركة المرأة بالقوى العاملة في مصر في ٢٠٢٠ وصلت إلى ٢٢٪ وفقًا لتقارير البنك الدولي.

توصلت نتائج البحث التي قدمتها زينبروخ إلى تواجد نسبة أعلى من حرمان العمالة بالقطاع الخاص، وجدير بالذكر أن العمل بالمناطق الريفية يكاد يخلو من حقوق العمالة الأساسية.

شرح أسعد للقافلة: “إن الأسباب وراء تضخم العمالة غير الرسمية كان تحديد سعر صرف الجنيه المصري مما تسبب في تفضيل الاقتصاد المصري للمنتجات غير القابلة للتداول مثل سوق العقارات، مما جعل من التصدير تجارة صعبة و تسبب في صعود الطلب على العمل بالبناء غير المستقر بالطبيعة”.

يُطلق على هذا التحول الهيكلي للاقتصاد نحو السلع غير التجارية إزالة التصنيع، وهو ضار على المدى الطويل بجودة التوظيف في مصر لأنه يولد عمالة غير مستقرة ويولد عددًا كبيرًا من الوظائف في إنشاء العقارات وتنتهي هذه الوظائف بعد ذلك، على عكس المصانع التي تولّد فرص عمل في البناء والإدارة.

تم إطلاق بعض السياسات المحاربة لهذا التحول الهيكلي للاقتصاد للاعتماد على الإنشاءات بدلًا من التصنيع، مثل تعويم الجنيه، مما جعل الصادرات أكثر تنافسية وشجع على الاستثمار الصناعي، ولكن هذه السياسات تأخذ وقتًا طويلًا لإنتاج تغير ملحوظ.

قال أسعد: “هذه مشاكل هيكلية حدثت عبر العقود، ولا يمكن حلها في سنة أو اثنتين، سيمضي وقت طويل قبل أن تتغير الحوافز وتُنفذ الاستثمارات. التعويم شرط مهم ولكنه ليس كافيًا”.

يرى أسعد أيضًا أن اعتماد البنك المركزي على رفع سعر الفائدة يعد مشكلة من ضمن المشكلات التي تجعل من الصعب على رجال الصناعة تمويل تجارتهم. على الجانب الأخر، تم تغيير بعض السياسات لتعطي تنازلات للاستثمارات الصغيرة و المتوسطة.

أضاف أسعد:” هناك العديد من المبادرات من قبل البنك المركزي لتوفير التمويل الميسر، أي التمويل الذي يخفض أسعار الفائدة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وكذلك للتصنيع لتشجيع الاستثمار”.