القافلة

طالبات .. ولكنهن أمهات أيضًا

تقرير : سلمى الخياط

تحرير: صمود

 

في السابعة صباحًا، يستيقظ حمزة ليذهب إلى الحضانة. موسى وحمزة يبكيان، ومازلت بحاجة لإنهاء واجباتي لتسليمها قبل الثامنة والنصف صباحًا. 

الوقت ينفذ منّا ولا يمكنني حتى تركهم لاستخدام المرحاض. أحتاج إلى الاستعداد سريعًا حتى أتمكن من الوصول إلى الفصل في الوقت المحدد، ولكن يجب أولًا إعداد وجبة الإفطار لزوجي. كل يوم في الحضانة يستمر حمزة في البكاء. لا يزال يعاني من قلق الانفصال.

بعد يوم متعب في الجامعة، يجب أن أذهب إلى الحضانة لآخذ حمزة، ثم العودة إلى المنزل لرعاية موسى واللعب مع الآخر. كلاهما يبكيان و جائعان، وأنا بحاجة لبدء التحضيرات لعودة زوجي. أحاول الراحة ولكن حان وقت استحمام الأطفال.

آمُل في الراحة، لكنهم بحاجة إلى النوم ومازلت لم أبدأ مهامي. حَلقة لن تنتهي في أي وقت قريب. أن تصبح أبًا أو أمًا هو الهدف الأسمى للحياة في رأي العديد من الناس، وفي الجامعة الأمريكية بالقاهرة، اختار بعض الطلاب أن يكونوا آباء وأمهات إلى جانب دراستهم.

من الأيام المشحونة عاطفيًا إلى الليالي الطويلة الخالية من النوم، يتنقل هؤلاء الطلاب بين يوم أكاديمي طويل إلى  ليالي الاعتناء بالأطفال، وغالبًا ما يجدون أنفسهم في صراع بين هذا وذاك. 

فاطمة الخطيب، طالبة دراسات عليا وأم جديدة ذات ٢٨ عامًا،  تشعر أن رعاية طفلتها الجديدة البالغة من العمر ثلاثة أشهر غيرت حياتها.

 قالت  الخطيب: “المهام الجامعية التي كانت تستغرق ساعتين في العادة، أصبحت تستغرق مني يومين إلى ثلاثة أيام بعد أن أنجبت ابنتي”، كما تقول أنها تضطر لترك طفلتها ست ساعات في اليوم بسبب الدراسة مما يعوق مسؤوليتها الواجبة تجاه طفلتها.

أعربت الخطيب أنها وجدت المساندة والدعم من الجامعة حيث حصلت على درجة غير مكتمل (incomplete) أثناء فترة  الحمل لكي تتمكن من استكمال المادة لاحقًا، كما ذكرت أن أساتذتها ساعدوها في حضور المحاضرات عبر الإنترنت، وتلقت المساعدة في المواد السابقة من الأصدقاء أيضًا.

قالت الخطيب : “لقد كان وقتًا عصيبًا، ولكن مع مرور الوقت أصبح كل شيء أسهل وقابل للإدارة”.

قالت طالبة في السنة الأخيرة بالجامعة،  رفضت ذكر اسمها حفاظًا على خصوصيتها: “ما بين المذاكرة و رعاية ابني و زوجي، لا أتذكر نفسي و حقوقي في الحياة، أصبحت لا أستمتع بأي شيء إلا الجلوس في أحضان ابني، ولكن يؤلمني قلبي كل يوم لأنني يجب أن أذهب للجامعة واتركه مع المربية”. 

أضافت: “اليوم ينتهي سريعًا بين الجامعة وتحضير الغداء ورعاية طفلي، لا أجد الوقت الكافي لأُنهي واجباتي الجامعية، وفي بعض الأحيان أشعر بالضغط الشديد من المسؤوليات الكثيرة، ولكني أيضًا أشعر بسعادة لا توصف عندما أُنهي مشروع واسمع كلمة شكر و تقدير لمجهودي من أساتذتي الجامعيين”.

من ناحية أخرى تؤكد إيمان العمري، المديرة المساعدة لمكتب الصحة النفسية بالجامعة، أن المكتب يقدم ما  بوسعه لمساعدة الطلاب ذوي الأطفال، فالجامعة توفر حضانة لرعاية الأطفال لموظفيها وطلابها على حدٍ سواء. 

قالت العمري٬ قد يكون من المفيد أن تعطي الجامعة أولوية تسجيل المواد للأمهات من الطالبات، وتعتقد أن الحضانة قد تخفف توتر الأمهات حينما يعلمن أن أطفالهن في أيدٍ أمينة ويتم الاعتناء بهم.

كمديرة لوحدة الأشخاص المعرضين للخطر أيضًا، تتفهم العمري الصعوبات التي تواجهها الطالبة عندما تصبح أم حديثًا٬ حيث قالت أنها فترة صعبة بلا شك لان مجرد الذهاب للجامعة وترك الطفل تحديًا بذاته،  وأكدت العمري أن مخاطر الصحة النفسية ستكون كبيرة إذا فشلت الطالبة في  إدارة هذين الأمرين.

مي محمد، طالبة بقسم الإعلام تبلغ من العمر ٢٣ عامًا، ترى أن مرحلة الأمومة غيرت كثيرًا من نمط يومها.

قالت محمد: “بعد الولادة، كان الوضع صعبًا للغاية للخروج عن المألوف بالنسبة لي، ولكن أمي ساعدتني وعلمتني كيفية إدارة الأمور خاصةً وقتي، ولكن بالطبع تدمرت أوقات نومي”.

تابعت محمد: “دربت طفلي على إتباع جدول نوم وكذلك نظمت الجدول الزمني الخاص بي، وقد سجلت في أربعة مواد فقط لكل فصل دراسي، لذلك استطيع ان اترك طفلي مع أمي لمدة أربع او خمس ساعات فقط في اليوم “.

أضافت محمد: “بصراحة، لم تساعدني الجامعة حيث لم يفهم أي شخص وضعي، ويتم التعامل معي وكأنني فعلت شيئًا خطئًا، وأنه لا ينبغي أن أكمل تعليمي، وأتمنى أن تتفهم الجامعة وضعي وأن تعاملني بطريقة أفضل وأن تحترم اختياراتي في الحياة ولا تسخر مني أبدًا، و تدعمني في إكمال تعليمي”.