FeaturedGender and Womenالقافلة

نِهاد أبو القُمصان: سيدة المواقف الصعبة


تقرير‭: ‬يُمنى‭ ‬نيازي‭ ‬وعمر‭ ‬مهنا

@YNeiazyGharieb

استطاعت‭ ‬المحامية‭ ‬المرموقة‭ ‬نهاد‭ ‬أبو‭ ‬القُمصان‭ ‬أن‭ ‬تبني‭ ‬اسمًا‭ ‬له‭ ‬ثِقلٌ‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬أن‭ ‬يجهله‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬المصري؛‭ ‬وخاصةً‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬طفرة‭ ‬في‭ ‬السعي‭ ‬قُدُمًَا‭ ‬للعلو‭ ‬بحقوق‭ ‬المرأة‭ ‬والأسرة‭ ‬المصرية‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭ ‬الحصري،‭ ‬أجابت‭ ‬الأستاذة‭ ‬المُحامية‭ ‬نهاد‭ ‬أبو‭ ‬القمصان،‭ ‬وهي‭ ‬رئيسة‭ ‬المجلس‭ ‬المصري‭ ‬لحقوق‭ ‬المرأة‭ ‬والمناضلة‭ ‬الأبيّة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حقوق‭ ‬المرأة،‭ ‬على‭ ‬شتى‭ ‬الأسئلة‭ ‬الخاصة‭ ‬بالمرأة‭ ‬المصرية‭ ‬وحقوقها‭. ‬

فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بأهم‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تهتم‭ ‬بها‭ ‬أبو‭ ‬القُمصان‭ ‬أكدت‭ ‬أنه‭ ‬طالما‭ ‬يستمر‭ ‬العنف‭ ‬المنزلي‭ ‬والخوف‭ ‬من‭ ‬اللجوء‭ ‬إلي‭ ‬منظومة‭ ‬العدالة‭ ‬سيظل‭ ‬الطريق‭ ‬طويلًا‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تحقيق‭ ‬المساواة‭.  ‬وأضافت‭ ‬أبو‭ ‬القُمصان‭ ‬أن‭ ‬طالما‭ ‬آليات‭ ‬حماية‭ ‬السيدات‭ ‬من‭ ‬التحرش‭ ‬ليست‭ ‬كافية‭ ‬سيظل‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يشغلُها‭. ‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمراجعة‭ ‬القانونية‭ ‬لمسلسل‭ ‬‮«‬فاتن‭ ‬أمل‭ ‬حربي‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬مثار‭ ‬جدل‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬المصري‭ ‬فور‭ ‬عرضه‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬حيث‭ ‬انقسم‭ ‬الجمهور‭ ‬إلى‭ ‬مؤيدين‭ ‬لإنصاف‭ ‬المرأة‭ ‬ومعارضين‭ ‬لتمكين‭ ‬المرأة،‭ ‬ترى‭ ‬أبو‭ ‬القُمصان‭ ‬أن‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يحطون‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬الرجل‭ ‬والمرأة‭ ‬هم‭ ‬أصحاب‭ ‬المصالح‭ ‬الذين‭ ‬ينتفعون‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬غياب‭ ‬التوازن‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬الزوجية‭ ‬وهدم‭ ‬حق‭ ‬المرأة‭ ‬داخل‭ ‬الأسرة‭.‬

‭ ‬فكما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬حديث‭ ‬أبو‭ ‬القُمصان‭ ‬أن‭ ‬البيوت‭ ‬تُبني‭ ‬على‭ ‬الشراكة‭ ‬لا‭ ‬القهر‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الزواج‭ ‬الإنساني‭ ‬هو‭ ‬الزواج‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تشوبه‭ ‬غيرة‭ ‬أو‭ ‬تسلُط‭ ‬أو‭ ‬إحساس‭ ‬بالتملُك‭ ‬من‭ ‬كلا‭ ‬الطرفين،‭ ‬أما‭ ‬الزواج‭ ‬الذي‭ ‬يتخلله‭ ‬التسلُط‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الزوج‭ ‬فهدفه‭ ‬الوحيد‭ ‬هو‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المكاسب‭ ‬السلطوية‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬تصفه‭ ‬أبو‭ ‬القُمصان‭ ‬بأنه‭ ‬إثراء‭ ‬دون‭ ‬سبب‭.‬

‭ ‬تؤكد‭ ‬أبو‭ ‬القُمصان‭ ‬علي‭ ‬أن‭ ‬أصحاب‭ ‬العلاقات‭ ‬السوية‭ ‬نادرًا‭ ‬ما‭ ‬يلجأون‭ ‬إلي‭ ‬المحاكم‭ ‬لفض‭ ‬النزاعات‭ ‬الزوجية‭ ‬بل‭ ‬غالبًا‭ ‬يتم‭ ‬الانفصال‭ ‬في‭ ‬جو‭ ‬اتفاقات‭ ‬طلاق‭ ‬محترمة‭ ‬ولكن‭ ‬العلاقات‭ ‬التي‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬الروابط‭ ‬الإنسانية‭ ‬تجاه‭ ‬الزوجة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬نراها‭ ‬متجسدة‭ ‬كحقيقة‭ ‬مُرَّة‭ ‬في‭ ‬المحاكم‭ ‬المصرية‭. ‬

أما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالجدل‭ ‬الدائر‭ ‬حول‭ ‬قانون‭ ‬الأحوال‭ ‬الشخصية‭ ‬ومدى‭ ‬إنصافه‭ ‬للمرأة،‭ ‬فقالت‭ ‬أبو‭ ‬القُمصان‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬أولََا‭ ‬تحديد‭ ‬غاية‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭: ‬هل‭ ‬هو‭ ‬قانون‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬إحكام‭ ‬وضبط‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭ ‬أم‭ ‬أنه‭ ‬قانون‭ ‬سياسي‭ ‬ينم‭ ‬عن‭ ‬صراعات‭ ‬بين‭ ‬جماعات‭ ‬سياسية‭ ‬متباينة‭ ‬ذات‭ ‬رؤى‭ ‬براجماتية‭ ‬بحتة؟

‭ ‬تعتقد‭ ‬أبو‭ ‬القُمصان‭ ‬أن‭ ‬سبب‭ ‬التباين‭ ‬بين‭ ‬الزيجات‭ ‬الحالية‭ ‬والزيجات‭ ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬بل‭ ‬ووجود‭ ‬النجاح‭ ‬والتوازن‭ ‬النسبي‭ ‬في‭ ‬الزيجات‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬عنصر‭ ‬العائلة‭ ‬الكبيرة‭ ‬الممتدة‭ ‬أو‭ ‬حسب‭ ‬قولها‭ ‬‮«‬عيلة‭ ‬بتتجوز‭ ‬عيلة‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬تفتقده‭ ‬زيجات‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬وعليه،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬تدخل‭ ‬العائلة‭ ‬تري‭ ‬أبو‭ ‬القُمصان‭ ‬ضرورة‭ ‬تدخل‭ ‬القانون‭.‬

تسائل‭ ‬الكثيرون‭ ‬عن‭ ‬إمكانية‭ ‬ومدى‭ ‬واقعية‭ ‬رفع‭ ‬قضية‭ ‬ضد‭ ‬قانون‭ ‬الأحوال‭ ‬الشخصية‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬مسلسل‭ ‬‮«‬فاتن‭ ‬أمل‭ ‬حربي‮»‬‭. ‬

‭ ‬قالت‭ ‬أبو‭ ‬القُمصان‭ ‬أن‭ ‬‮«‬قانون‭ ‬الأحوال‭ ‬الشخصية‭ ‬المصري‭ ‬ِشهد‭ ‬تاريخ‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬التغيرات‭ ‬والتطورات‭ ‬طوال‭ ‬السنوات،‭ ‬فصدور‭ ‬أول‭ ‬قانون‭ ‬أحوال‭ ‬شخصية؛‭ ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬سنة‭ ‬‮١٩٢٠‬‭ ‬وظلت‭ ‬قوانين‭ ‬أخرى‭ ‬تتشعب‭ ‬منه‭ ‬حتى‭ ‬وصل‭ ‬الحال‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬تسعة‭ ‬قوانين‭ ‬تندرج‭ ‬تحت‭ ‬قانون‭ ‬الأحوال‭ ‬الشخصية‭ ‬وهنا‭ ‬تكمن‭ ‬الصعوبة‭ ‬البالغة‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬قضية‭ ‬على‭ ‬قانون‭ ‬الأحوال‭ ‬الشخصية،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬المسلسل‭ ‬فكرة‭ ‬أقرب‭ ‬للدراما‭ ‬منها‭ ‬للواقع‭.‬

‭ ‬أضافت‭ ‬أبو‭ ‬القمصان‭ ‬‮«‬ليتم‭ ‬الطعن‭ ‬يجب‭ ‬الطعن‭ ‬إما‭ ‬على‭ ‬القانون‭ ‬بأكمله‭ ‬وهذا‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬وجود‭ ‬إجراءات‭ ‬غير‭ ‬دستورية‭ ‬أثناء‭ ‬مناقشة‭ ‬القانون‭ ‬وتشريعه‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬اعتراض‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬مواد‭ ‬القانون‭ ‬والذي‭ ‬بدوره‭ ‬يعد‭ ‬تحدٍ‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬تحديد‭ ‬أي‭ ‬مادة‭ ‬تخص‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬القوانين‭ ‬التسعة‭ ‬للطعن‭ ‬عليها‭ ‬ناهينا‭ ‬طبعًا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬القُضاة‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬بيدهم‭ ‬إحالة‭ ‬القضية‭ ‬إلي‭ ‬المحكمة‭ ‬الدستورية،‭ ‬لا‭ ‬المواطنين‭ ‬العاديين‭ ‬وعليه،‭ ‬فإن‭ ‬السعي‭ ‬لتغيير‭ ‬منظومة‭ ‬قوانين‭ ‬برمتها‭ ‬يستوجب‭ ‬تدخل‭ ‬البرلمان‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬مسلسل‭ ‬‮«‬فاتن‭ ‬أمل‭ ‬حربي‮»‬‭ ‬تطرقت‭ ‬أبو‭ ‬القُمصان‭ ‬إلي‭ ‬إسهامات‭ ‬الأعمال‭ ‬الفنية‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬القوانين‭ ‬والمفاهيم،‭ ‬فتري‭ ‬أبو‭ ‬القُمصان‭ ‬أن‭ ‬نجاح‭ ‬المسلسل‭ ‬يرجع‭ ‬إلي‭ ‬نقله‭ ‬لواقع‭ ‬المحاكم‭ ‬المصرية‭ ‬للمُشاهِد،‭ ‬فهنا‭ ‬تلعب‭ ‬الدراما‭ ‬دور‭ ‬لرفع‭ ‬الوعي‭. ‬ولكن‭ ‬كما‭ ‬يوجد‭ ‬للدراما‭ ‬دور‭ ‬فّعال‭ ‬في‭ ‬النهوض‭ ‬بالوعي‭ ‬لا‭ ‬يخفى‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬دور‭ ‬هدّام‭ ‬لتزييف‭ ‬الوعي‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬الشقة‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬الزوجة‮»‬‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬إلغاء‭ ‬المادة‭ ‬التي‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬السكن‭ ‬يصبح‭ ‬قصرًا‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬الزوجة‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الطلاق‭.‬

أشادت‭ ‬أبو‭ ‬القُمصان‭ ‬بالحملات‭ ‬الرسمية‭ ‬وغير‭ ‬الرسمية‭ ‬التي‭ ‬تتصدى‭ ‬لظاهرة‭ ‬التحرش‭ ‬ودورها‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬مفاهيم‭ ‬الشباب‭ ‬المصري،‭ ‬حيث‭ ‬تري‭ ‬أبو‭ ‬القُمصان‭ ‬أن‭ ‬زيادة‭ ‬الوعي‭ ‬بتلك‭ ‬الظاهرة‭ ‬والتصدي‭ ‬لها‭ ‬بمثابة‭ ‬نموذج‭ ‬عالمي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يُدَرَّس‭. ‬قام‭ ‬المجلس‭ ‬المصري‭ ‬لحقوق‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬‮٢٠٠٥‬‭ ‬بعمل‭ ‬دراسة‭ ‬واسعة،‭ ‬كانت‭ ‬هي‭ ‬الدراسة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬تميط‭ ‬اللثام‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الظاهرة‭ ‬المتفشية‭ ‬والمسكوت‭ ‬عنها‭. ‬ونظرًا‭ ‬لريادة‭ ‬الدراسة‭ ‬وما‭ ‬ترتب‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬أخذت‭ ‬الدراسة‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬حتى‭ ‬تكتمل‭ ‬وتُنشر‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬‮٢٠٠٨‬‭. ‬

تقول‭ ‬أبو‭ ‬القُمصان‭ ‬‮«‬‭ ‬كانت‭ ‬المبادرات‭ ‬الشبابية‭ ‬المتصدية‭ ‬للتحرش‭ ‬تقابل‭ ‬بالسخرية‭ ‬في‭ ‬باديء‭ ‬الأمر‮»‬‭ ‬ولكن‭ ‬أصبحت‭ ‬الأوضاع‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬للصواب،‭ ‬فالقانون‭ ‬مثلًا‭ ‬خضع‭ ‬للتغيير‭ ‬خمس‭ ‬مرات‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشعب‭ ‬لتغليظ‭ ‬العقوبات‭ ‬أحدثها‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬‮٢٠٢١‬‭. 

هذا‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬آليات‭ ‬تنفيذ‭ ‬القوانين‭ ‬ظاهرة‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحرش‭ ‬الجنسي‭ ‬بل‭ ‬وأن‭ ‬قانون‭ ‬العمل‭ ‬نفسه‭ ‬موضع‭ ‬طرح‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬الذي‭ ‬سيدرج‭ ‬تحته‭ ‬مادة‭ ‬تخص‭ ‬التحرش‭.‬

‭ ‬وتُدلل‭ ‬أبو‭ ‬القُمصان‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التأثير‭ ‬الإيجابي‭ ‬فتقول‭ ‬‮«‬نسبة‭ ‬التحرش‭ ‬إبان‭ ‬الدراسة‭ ‬في‭ ‬‮٢٠٠٨‬‭  ‬كانت‭ ‬‮٨٣‬‭% ‬وكانت‭ ‬تلك‭ ‬نسبة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬تمت‭ ‬في‭ ‬‮٢٠١٧‬وتم‭ ‬التأكيد‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬‮٢٠١٩‬‭ ‬تقلصت‭ ‬النسبة‭ ‬إلى‭ ‬‮١٣‬‭% ‬وهو‭ ‬فرق‭ ‬مذهل‭ ‬للغاية؛‭ ‬ذلك‭ ‬وأن‭ ‬نسبة‭ ‬وفرصة‭ ‬الإفصاح‭ ‬عن‭ ‬التحرش‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬السيدات‭ ‬زادت‭ ‬عما‭ ‬سبق‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المنظومة‭ ‬القانونية‭ ‬أصبحت‭ ‬لا‭ ‬تتقبل‭ ‬التحرش‭ ‬نهائيًا‮»‬‭. ‬

تؤكد‭ ‬أبو‭ ‬القُمصان‭ ‬أن‭ ‬التطور‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬القانوني‭ ‬والجنائي‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬زيادة‭ ‬جرأة‭ ‬السيدات‭ ‬في‭ ‬الإفصاح‭ ‬سبب‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الصدمة‭ ‬للجناة،‭ ‬تقول‭ ‬‮«‬فالجناة‭ ‬عَادةً‭ ‬يكونوا‭ ‬في‭ ‬ذهول‭ ‬أن‭ ‬شيء‭ ‬بسيط‭ ‬مثل‭ ‬رسالة‭ ‬معاكسة‭ ‬سيؤخذ‭ ‬على‭ ‬محمل‭ ‬الجد‭ ‬قانونيًا‭ ‬بل‭ ‬ويدخل‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬الإجرام‮»‬‭.‬

الزائد‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬التطورات‭ ‬الإيجابية‭ ‬هو‭ ‬إدراج‭ ‬مصطلح‭ ‬‮«‬التحرش‮»‬‭ ‬في‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬وهنا‭ ‬تقول‭ ‬أبو‭ ‬القُمصان‭ ‬‮«‬أنا‭ ‬لبثت‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬أحاول‭ ‬إقناع‭ ‬المشرعين‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬والبرلمان‭ ‬أن‭ ‬مصطلحات‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬غير‭ ‬كافية،‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬تعريف‭ ‬جريمة‭ ‬التحرش‭ ‬سابقًا‭ ‬كان‭ ‬يُعَرَّف‭ ‬إما‭ ‬بفعل‭ ‬فاضح‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬العام‭ ‬أو‭ ‬التعرض‭ ‬لأنثى‭ ‬أما‭ ‬الآن‭ ‬فقد‭ ‬طرأ‭ ‬تعديل‭ ‬علي‭ ‬هذا‭ ‬البند‭ ‬ليصبح‭ ‬تعريف‭ ‬التحرش‭ ‬هو‭ ‬التعرض‭ ‬للغير‭ ‬وليس‭ ‬الإناث‭ ‬فقط‮»‬‭. ‬

ذلك‭ ‬وأن‭ ‬من‭ ‬التعديلات‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬طرأت‭ ‬على‭ ‬القانون‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬التحرش‭ ‬يحدث‭ ‬إما‭ ‬بهدف‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬منفعة‭ ‬جنسية‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬وهو‭ ‬البند‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬موجودًا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬في‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬البند‭ ‬ينص‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المتحرش‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬منفعة‭ ‬جنسية‭ ‬أما‭ ‬الآن‭ ‬أصبح‭ ‬تجريم‭ ‬التحرش‭ ‬يُطبق‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬أراد‭ ‬منفعة‭ ‬أم‭ ‬لا‭. ‬

مثلها‭ ‬مثل‭ ‬مصريات‭ ‬كُثر،‭ ‬أبو‭ ‬القُمصان‭ ‬أم‭ ‬ومُربية‭ ‬لابنتين‭ ‬وابن‭ ‬واحد،‭ ‬فابنتها‭ ‬الكبري‭ ‬سُهيلة‭ ‬حذت‭ ‬حذو‭ ‬والدتها‭ ‬ووالدها‭ ‬المحامي‭ ‬والمناضل‭ ‬الراحل‭ ‬حافظ‭ ‬أبو‭ ‬سعدة‭ ‬فامتهنت‭ ‬المحاماة،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يجعل‭ ‬البعض‭ ‬يعتقد‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬لأبو‭ ‬القُمصان‭ ‬وأبو‭ ‬سعدة‭ ‬تأثير‭ ‬علي‭ ‬اختيار‭ ‬ابنتهما‭ ‬للمحاماة،‭ ‬ولكن‭ ‬أبو‭ ‬القُمصان‭ ‬قالت‭ ‬‮«‬أنا‭ ‬لا‭ ‬أؤمن‭ ‬بأن‭ ‬المهن‭ ‬تُوَرَث‭ ‬وأعتبر‭ ‬دوري‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬أبنائي‭ ‬مقتصر‭ ‬على‭ ‬مجرد‭ ‬المناقشة‭ ‬وإبداء‭ ‬الرأي‭ ‬والنصيحة،‭ ‬لا‭ ‬التأثير‮»‬‭. ‬

وعند‭ ‬طرح‭ ‬سؤال‭ ‬افتراضي‭ ‬لأبو‭ ‬القُمصان‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬مهنة‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬المحاماة‭ ‬طالما‭ ‬أرادت‭ ‬أن‭ ‬تمتهنها‭ ‬أجابت‭ ‬بأن‭ ‬مهنة‭ ‬الإعلام‭ ‬كثيرًا‭ ‬ما‭ ‬أعجبتها‭ ‬لشدة‭ ‬حبها‭ ‬للقراءة‭ ‬والمطالعة‭.‬

أما‭ ‬عن‭ ‬النصيحة‭ ‬التي‭ ‬تتوجه‭ ‬بها‭ ‬أبو‭ ‬القمصان‭ ‬للسيدات‭ ‬والفتيات‭ ‬لخلق‭ ‬التوازن‭ ‬في‭ ‬حياتهن‭ ‬المهنية،‭ ‬العلمية‭ ‬والعملية،‭ ‬شبهت‭ ‬أبو‭ ‬القُمصان‭ ‬الحياة‭ ‬المتوازنة‭ ‬الغذائية‭ ‬المقسمة‭ ‬بنسب‭ ‬صحية‭ ‬فالحياة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تقسم‭ ‬بين‭ ‬العناية‭ ‬بالنفس‭ ‬والعمل‭ ‬والأسرة‭.‬

‭ ‬ذلك‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬بناية‭ ‬دفاعات‭ ‬نفسية‭ ‬فتقول‭ ‬أبو‭ ‬القُمصان‭ ‬‮«‬‭ ‬أنا‭ ‬لم‭ ‬أسمح‭ ‬لأحد‭ ‬يومًا‭ ‬بأن‭ ‬يوجهني‭ ‬أو‭ ‬يُملي‭ ‬عليّ‭ ‬واجباتي‭ ‬كأم‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬كثيرًا‭ ‬ما‭ ‬تواجهه‭ ‬الأمهات‭ ‬الشابات‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬حياتهن‭ ‬وهو‭ ‬أقرب‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬إلي‭ ‬ابتزاز‭ ‬مُقنَّع،‭ ‬ولذلك‭ ‬أي‭ ‬سيدة‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬الحفاظ‭ ‬علي‭ ‬التوازن‭ ‬في‭ ‬حياتها‭ ‬بحيث‭ ‬تخلق‭ ‬مساحات‭ ‬محددة‭ ‬لكل‭ ‬فرد‭ ‬وجانب‭ ‬من‭ ‬حياتها‭ ‬ستظل‭ ‬حبيسة‭ ‬الوصاية‭ ‬من‭ ‬الجميع‮»‬‭.‬