القافلة

مسرحية «الذئب يهدد المدينة» تخلو من الذئاب

تقرير‭ ‬منة‭ ‬هارون

تعيش‭ ‬الذئاب‭ ‬في‭ ‬البرية،‭ ‬فهل‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يُلمَح‭ ‬أحدهم‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬الجيزة؟‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬نعرفه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬الذئب‭ ‬يهدد‭ ‬المدينة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬قدمها‭ ‬بعض‭ ‬طلاب‭ ‬الجامعة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬على‭ ‬مسرح‭ ‬الجزويت‭ ‬بالقاهرة‭.‬

ترجع‭ ‬أحداث‭ ‬المسرحية‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬‮١٩٧٦‬،‭ ‬حول‭ ‬الأستاذ‭ ‬عزت‭ ‬عبد‭ ‬الحميد‭ ‬مدير‭ ‬قسم‭ ‬الحوادث‭ ‬في‭ ‬جريدة‭ ‬‮«‬الأنباء‭ ‬اليومية‮»‬،‭ ‬وسكرتيرته‭ ‬الآنسة‭ ‬صفاء‭ ‬في‭ ‬صباح‭ ‬أحد‭ ‬الأيام‭ ‬لم‭ ‬يجدوا‭ ‬أخبار‭ ‬كافية‭ ‬لملء‭ ‬صفحات‭ ‬الجريدة،‭ ‬فاتفقوا‭ ‬على‭ ‬تزييف‭ ‬خبر‭.‬

‭ ‬كان‭ ‬الخبر‭ ‬هو‭ ‬‮«‬ظهور‭ ‬ذئب‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬الأوقاف‮»‬‭ ‬ولكنهم‭ ‬لم‭ ‬يتخيلوا‭ ‬أن‭ ‬خبرهم‭ ‬المزيف‭ ‬سيقلب‭ ‬المدينة‭ ‬رأسًا‭ ‬على‭ ‬عقب،‭ ‬فالسكان‭ ‬لم‭ ‬يصدقوا‭ ‬الخبر‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬منهم‭ ‬أجزم‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬رأي‭ ‬الذئب‭ ‬بالفعل،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬تبدأ‭ ‬المواقف‭ ‬المثيرة‭ ‬للجدل‭ ‬والكوميدية‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬المسرحية‭. ‬

‭ ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬انتشر‭ ‬خبر‭ ‬وجود‭ ‬الذئب،‭ ‬قررت‭ ‬حديقة‭ ‬الحيوان‭ ‬بعمل‭ ‬جرد‭ ‬للحيوانات‭ ‬مما‭ ‬نتج‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬عجز‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬الفيلة‭. ‬ولكن‭ ‬خبر‭ ‬اختفاء‭ ‬الفيل‭ ‬الحقيقي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بحجم‭ ‬ظهور‭ ‬الذئب‭ ‬الغير‭ ‬حقيقي،‭ ‬فكُتب‭ ‬عنه‭ ‬خبر‭ ‬صغير‭ ‬في‭ ‬جريدة‭ ‬غير‭ ‬معروفة‭ ‬فقط،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬خبر‭ ‬الذئب‭ ‬الذي‭ ‬ظل‭ ‬محور‭ ‬الأخبار‭ ‬لوقت‭ ‬طويل‭.‬يتكون‭ ‬معظم‭ ‬فريق‭ ‬عمل‭ ‬المسرحية‭ ‬من‭ ‬خريجين‭ ‬وطلاب‭ ‬الجامعة‭ ‬الامريكية‭ ‬بالقاهرة،‭ ‬وقد‭ ‬قدموا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬على‭ ‬مسرح‭ ‬الجامعة‭ ‬،ولكن‭ ‬ذلك‭ ‬العرض‭ ‬يعُد‭ ‬العرض‭ ‬الأول‭ ‬خارج‭ ‬الحرم‭ ‬الجامعي‭ ‬لبعضهم‭.‬

بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬خروجهم‭ ‬عن‭ ‬أسوار‭ ‬الجامعة،‭ ‬قالت‭ ‬نور‭ ‬عفيفي،‭ ‬مصممة‭ ‬ازياء‭ ‬المسرحية‭: ‬‮«‬‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬كنت‭ ‬خائفة،‭ ‬ففي‭ ‬الجامعة‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الإمكانيات‭ ‬المتاحة‭ ‬لنا،‭ ‬كغرفة‭ ‬للملابس‭ ‬وغرفة‭ ‬للمكياج‭ ‬بينما‭ ‬في‭ ‬مسرح‭ ‬الجزويت‭ ‬المساحة‭ ‬محدود‭ ‬أكثر‭.‬‮»‬

‭ ‬أضافت‭ ‬ليلى‭ ‬غنيم،‭ ‬التى‭ ‬تقوم‭ ‬بدور‭ ‬الآنسة‭ ‬صفاء‭ ‬قائلة‭: ‬‮«‬العرض‭ ‬أمام‭ ‬جمهور‭ ‬خارج‭ ‬الجامعة‭ ‬شئ‭  ‬محمس،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬الشعور‭ ‬بالتوتر‭ ‬للتمثيل‭ ‬خارج‭ ‬أسوار‭ ‬الجامعة،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬الرائع‭ ‬رؤية‭ ‬جمهور‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬الجامعة‭ ‬قادم‭ ‬ليحضر‭ ‬مسرحيتنا‭ ‬المتواضعة‭.‬‮»‬اشارت‭ ‬غنيم،‭: ‬‮«‬‭ ‬الجماهير‭ ‬الجديدة‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬مرتاحين‭ ‬تماما‭ ‬في‭ ‬التفاعل،‭ ‬أو‭ ‬كان‭ ‬يبدو‭ ‬عليهم‭ ‬قلق‭ ‬بعض‭ ‬الشئ‭.‬‮»‬‭ ‬ولكن‭ ‬في‭  ‬ثامن‭ ‬يوم‭ ‬لعرض‭ ‬المسرحية،‭ ‬كان‭ ‬المسرح‭ ‬ممتلئ‭ ‬بالضحكات‭.‬

فبالرغم‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬صحة‭ ‬وجود‭ ‬ذئب‭ ‬من‭ ‬الأساس‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المسرحية،‭ ‬أصدرت‭ ‬مجلة‭ ‬أخرى‭ ‬مقتل‭ ‬الذئب‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يدعو‭ ‬للسخرية‭ ‬ويدل‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬يسعون‭ ‬إلى‭ ‬الأخبار‭ ‬المفبركة‭ ‬لمصالحهم‭ ‬الخاصة‭. ‬

خصوصًا‭ ‬حينما‭ ‬صرح‭ ‬عبد‭ ‬الحميد‭  ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬بعد‭ ‬مقتل‭ ‬الذئب‭ ‬بوجود‭ ‬ذئب‭ ‬ثاني،‭ ‬غير‭ ‬قلق،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬اول‭ ‬مرة،‭ ‬قائلا‭  ‬‮«‬إلى‭ ‬شافوا‭ ‬الاولاني،‭ ‬برضه‭ ‬هيشوفوا‭ ‬التاني‭.‬‮»‬

عدم‭ ‬وجود‭ ‬ذئب‭ ‬في‭ ‬الخبر‭ ‬أو‭ ‬المسرح‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬عفيفي،‭ ‬مصممة‭ ‬ازياء‭ ‬المسرحية‭ . ‬فهي‭ ‬لم‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬زي‭ ‬ملائم‭ ‬للذئب،‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬لباقي‭ ‬شخصيات‭ ‬العمل‭. ‬فاختيارها‭ ‬لملابس‭ ‬كل‭ ‬شخصية،‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬على‭ ‬المشاهد‭ ‬فهم‭ ‬دور‭ ‬كل‭ ‬ممثل‭ ‬وشخصيته‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬لظهوره‭ ‬على‭ ‬المسرح‭ ‬لوقت‭ ‬طويل‭.‬

‭ ‬وأشارت‭ ‬عفيفي‭: ‬‮«‬أردت‭ ‬جعل‭ ‬عزت‭  ‬يبدو‭ ‬بمظهر‭ ‬المدير‭ ‬ذي‭ ‬القميص‭ ‬الأحمر‭ ‬ذا‭ ‬الأزرار‭ ‬المفتوحة،‭ ‬والبدلة‭ ‬الرصاصي‭ ‬اللميع،‭ ‬وشعره‭ ‬غير‭ ‬مهندم‭ ‬ليوحي‭ ‬بسذاجته‭ ‬ورغبته‭ ‬في‭ ‬الشهرة‭ ‬مما‭ ‬يهيئ‭ ‬الجمهور‭ ‬لتصديق‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬تأليف‭ ‬أخبار‭ ‬زائفة‭ ‬لأسبابه‭ ‬الشخصية‭.‬‮»‬

‭ ‬وأوضحت‭ ‬غنيم‭: ‬‮«‬البدلة‭ ‬التي‭ ‬كنت‭ ‬ارتديها‭ ‬تعكس‭ ‬شخصية‭ ‬صفاء‭ ‬المكافحة‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬مهنتها‭ ‬كصحفية‭.‬‮»‬‭ ‬

ولكن‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إعجاب‭ ‬الجمهور‭ ‬بالملابس‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ضحي‭ ‬أسامة،‭ ‬‮٢١‬‭ ‬سنه،‭ ‬قالت‭: ‬‮«‬‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬على‭ ‬الممثلين‭ ‬أن‭ ‬يبدلوا‭ ‬ملابسهم‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬المختلفة‭ ‬لإضافة‭ ‬واقعية‭ ‬أكثر‮»‬‭. ‬ولكن‭ ‬عفيفي‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬رأي‭ ‬آخر‭ ‬قائلة‭: ‬‮«‬‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬تغيير‭ ‬الملابس‭ ‬للشخصيات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬فصل،‭ ‬فذلك‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬وقت‭ ‬إضافي‭ ‬في‭ ‬الكواليس،‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يبطئ‭ ‬من‭ ‬رتم‭ ‬المسرحية‭. ‬بل‭ ‬بالعكس‭ ‬حينما‭ ‬يرى‭ ‬المشاهد‭ ‬البطل‭ ‬بنفس‭ ‬الملابس‭ ‬طوال‭ ‬المسرحية‭ ‬يتحول‭ ‬الممثل‭ ‬إلى‭ ‬أيقونة‭ ‬في‭ ‬وعي‭ ‬المتفرج،‭ ‬وتبقى‭ ‬في‭ ‬ذاكرته‭ ‬لفترة‭ ‬أطول‭.‬‮»‬‭ ‬

علق‭ ‬محمد‭ ‬الفولى،‭ ‬أحد‭ ‬المتفرجين‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬العرض‭: ‬‮«‬أكتر‭ ‬حاجة‭ ‬ضحكتني‭ ‬هي‭ ‬لما‭ ‬لقوا‭ ‬فيل‭ ‬ناقص‭ ‬في‭ ‬حديقة‭ ‬الحيوان‭ ‬ومحدش‭ ‬اهتم‮»‬‭.‬

‭ ‬وأضافت‭ ‬مريم‭ ‬عبد‭ ‬المجيد،‭ ‬متفرجة‭ ‬آخرى‭: ‬‮«‬‭ ‬أنا‭ ‬شايفة‭ ‬إن‭ ‬أكتر‭ ‬شئ‭ ‬ساخر‭ ‬هو‭ ‬لما‭ ‬نشروا‭ ‬أن‭ ‬الذئب‭ ‬اتقتل‭.‬‮»‬‭ ‬المسرحية‭ ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬الراحل‭ ‬سعد‭ ‬الدين‭ ‬وهبة،‭ ‬وإخراج‭ ‬أحمد‭ ‬هاني‭ ‬إسماعيل،‭ ‬وبطولة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬أحمد‭ ‬الحمزاوي،‭ ‬ليلي‭ ‬غنيم،‭ ‬فريدة‭ ‬رجب،‭ ‬محمد‭ ‬حبيب،‭ ‬أحمد‭ ‬بدران،‭ ‬راجية‭ ‬راجح،‭ ‬عادل‭ ‬متولي،‭ ‬ونورهان‭ ‬عطالله‭. ‬