القافلة

طلاب عالقين بالخارج

تقرير: عبد الله عباس

شارك طلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة ممن كانوا يدرسون بجامعة برشلونة المستقلة Universitat Autònoma de Barcelona أثناء فترة تفشيوباء كوفيد-١٩في منتصف شهر مارس ٢٠٢٠ تجاربهم المختلفة في التعامل مع الجائحة بعيدًا عن وطنهم وعائلاتهم.

في واقع الأمر، قد كان للجائحة أثرًا كبيرًا على الخبرات التي اكتسبها الطلاب خلال تلك الفترة وخاصةً أنهم كانوا يقيمون بإحدى الدول الأوروبية التيكانت تتسم آنذاك بشدة وضراوة انتشار هذا الوباء.

وقد نص مقال تم نشره بعنوان “فيروس كورونا في أسبانيا التحديث الكامل” على أن وزارة الصحة الأسبانية أكدت أن هناك ٨٥١٩٥ حالة إصابة جديدة حتى ٣٠ مارس.

وبالرغم من صعوبة الوضع على جميع الأفراد آنذاك إلا أن الوضع بالنسبة لهؤلاء الطلاب كان أكثر صعوبة ولا سيما أنهم كانوا مطالبين باستكمال الدراسة بتقنيات التعلم عن بعد عبر شبكة الإنترنت لأول مرة وفي جامعة تختلف عن جامعتهم الأصلية.

من الجدير بالذكر أن عرض القصص التي تتناول التجارب التي مر بها هؤلاء الطلاب أثناء تواجدهم ودراستهم بالخارج خلال تلك الفترة يؤثر بشكل كبير على تبادل الخبرات ومن ثم إثراء معارف الآخرين، خاصةً تلك المرتبطة بمثل هذه المواقف الصعبة خصوصًا أن بعض هؤلاء الطلاب قد تمكنوا من العودة إلي منازلهم قبل توقف حركة الطيران بينما ظل البعض عالقًا في برشلونة لحين عودة حركة النقل الجوي.

وفي هذا الصدد؛ شاركت أدريانا نافيا، التي تدرس العلوم السياسية في السنة الثالثة بجامعة كنتاكي، تجربتها في الدراسة بالخارج أثناء فترة تفشي الوباء قائلة أنها عندما قامت باتخاذ قرار السفر للدراسة بجامعة UAB كانت متحمسة لمعرفة المزيد عن الثقافات المختلفة واكتساب خبرات حياتية جديدة، إلا أنها لم تكن تتوقع على الإطلاق حتى في أصعب أحلامها، على حد قولها، أن ينتهي هذا الحلم الجميل وتعود إلي وطنها.

استطردت قائلة أن الحياة السعيدة لا تدوم إلى الأبد حيث تواترت الأخبار عن تفشي الجائحة بعد أن أذيع خبر إلغاء برامج الدراسة بالخارج في إيطاليا في شهر فبراير. و لكنها ظنت أنها في مأمن من الخطر لبعد المسافة بين إيطاليا وإسبانيا إلا أن كل ذلك قد تغير بسرعة شديدة حيث ظهرتأولى حالات الكورونا في مدينة مدريد وجزر الكناري.

اعتقدت آنذاك أنها لا تزال بعيدة عن الخطر لبعد المسافة ولكن في أقل من إسبوع ظهرت في برشلونة حالة ثم اثنتا عشرة حالة ثم ثلاثون حالة ثم أكثرمن مئة حالة فيما بعد.

أضافت نافيا: “لم يكن هناك وعيًا آنذاك بأهمية ارتداء الكمامات، مما ترتب عليه الانتشار السريع جدا للوباء بالمدينة مثلها مثل باقي المدن. ومن ثمفقد بدأت الجامعة في التحول إلي التعليم الإلكتروني ثم إلى الإلغاء التام للدراسة خلال أسبوع واحد.”

في أعقاب ذلك أصدر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قرارًا بحظر السفر من أوروبا في بدايات شهر مارس وفي خلال اثنتا عشرة ساعة تمإلغاء برنامج دراستها بالخارج، فكانت مطالبة بشراء تذكرة العودة إلى الولايات المتحدة في اليوم التالي. ثم مضت ساعاتها الأخيرة في أسبانيا وهيتحاول زيارة جميع المزارات السياحية التي كانت تنوي زيارتها في وقت لاحق كما قامت بشراء بعض الهدايا التذكارية البسيطة لعائلتها وأصدقائها.

وعن أخر يوم لها في برشلونة قالت: “أمضيت الساعات الأخيرة مع العائلة المضيفة التي أحببتها كثيرًا. وخلال غمضة عين وجدت نفسي في منزليبمدينة تكساس حيث قضيت الثمانية أشهر التالية من الحظر. ولطالما قمت في هذه الفترة العصيبة في مشاهدة الصور التي قمت بالتقاطها بإسبانيالاستعادة ذكريات تلك الأيام الجميلة”.

شاركت هاجر مرسي، طالبة بقسم التسويق والاتصالات المتكاملة في السنة الثالثة بالجامعة الأمريكية، تجربة دراستها بجامعة UAB في أسبانياخلال فترة تفشي الجائحة. قالت مرسي أن الحياة هناك كانت مثالية جدًا حتى بدأ العديد من أصدقائها المقربين يغادرون برشلونة في ذلك الوقت”الحزين” من العام.

لذلك قامت هاجر بحجز تذكرة الطيران للعودة إلى الوطن في منتصف شهر مارس وقد كان معظم أصدقائها من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عائدونإلى مصر في ذات اليوم و لكنها لم تجد جواز السفر الخاص بها بعدما بحثت عنه في كافة الأرجاء دون فائدة.

هنا وجدت مرسي نفسها عالقة في برشلونة ولا يمكنها العودة إلى الوطن إلا إذا قامت باستخراج تصريح السفر من السفارة المصرية بمدريد وكانتعلى دراية بأن ذلك سوف يستغرق بعض الوقت خاصةً أن المطارات المصرية والإسبانية كانت على وشك الإغلاق.

قالت مرسي للقافلة: “ظللت عالقة هناك بمفردي لمدة شهر كامل وكانت تلك الفترة من أصعب الفترات التي مرت بحياتي وأكثرها إحباطًا. فقد كنتوحيدة تمامًا لا أرى أحدًا ولا أتحدث مع أحد على الإطلاق. كما أنني عانيت كثيرًا من تجربة الدراسة عن بعد حيث لم يكن لدي الطاقة للعمل”.

استطردت هاجر قائلة أنها أخيرًا تمكنت من السفر إلى مدريد و استخرجت تصريح السفر، كما عبّرت عن شدة قلقها أثناء رحلتها إلى مدريد لعلمهابشدة انتشار الوباء بالمدينة. وأضافت أنه عندما قامت مصر بإرسال مجموعة من الرحلات الجوية إلي إسبانيا لإعادة المصريين العالقين بها تمكنتبالفعل من العودة إلى الوطن في منتصف شهر إبريل.

شارك ميهير بالاندي، طالب هندي الجنسية بالسنة الأولى، يدرس إدارة الرياضة في كلية أوروبا للأعمال في برشلونة تجربته مع القافلة قائلًا أنه قبليومين من إعلان الإغلاق بالبلاد كان مع بعض أصدقائه بالسكن في عطلة نهاية الأسبوع يحتفلون بمنزلهم مستضيفين بعض الأصدقاء ولم يكن هناكحينئذٍ أية مؤشرات أو إرشادات أو قيود تذكر.

وفجأة عصر يوم الأحد تم إعلان الإغلاق العام بأسبانيا وبعدها تلقوا رسالة بالبريد الإلكتروني من الجامعة تفيد أنها سوف تقوم بإيقاف الدراسةبالجامعة لعدة أيام حتى يتم وضع خطة لاستكمال الدراسة.

وأضاف بالاندي: “بدا العالم وكأنه تغير بين ليلة وضحاها”.

قال بالاندي أنه بعد أيام قليلة من الإغلاق لم يكن هناك غير عدد محدود من محال التسوق مفتوحة وكانت معظم السلع غير متوفرة ولم يكن يُسمح لهمسوى بالذهاب إلى مراكز التسوق الأقرب إلى محل السكن حتى وإن لم تكن احتياجاتهم متوفرة به.

أضاف: “عندما قررت أنا ووزملائي العودة إلى بلادنا و توجهنا إلى المطار فوجئنا بأن المطار كان مكتظًا بالمسافرين، على النقيض تمامًا من شوارعالمدينة التي لا يسير بها أحد وكان كل شيء بالمطار يسير بلا قيود ولا ضوابط.”

وفي ذات الفترة التي قرر أغلب الطلاب العودة فيها إلي أوطانهم أعلنت الجامعة عن البدء في إستكمال الدراسة من خلال الدورات الإلكترونية عبرشبكة الإنترنت.

أما عن الصعوبات التي واجهها بالاندي فقال:”بالنسبة لي، ظللت عالقًا بالهند لمدة ستة عشرة شهرًا حتى تمكنت من العودة إلى برشلونة لاستكمالالدراسة. وكانت تلك الفترة من أصعب الفترات التي مررت بها علي الإطلاق لما شعرت ب