Opinion

أمتى هتربوا عيالكم؟

«أتذكر يوماً في الشتاء، عندما قاموا بسكب الماء على وجهي ثم فرّوا هاربين.» قال أحدهم، بينما عَلِقَ ذلك في ذهني.

قد تتذكر، أيها القارئ، هذه المقولة مِن تقرير ندى طارق، إحدى مُحررين قسم اللغة العربية، عن التنمر الطبقيّ. على الرغم مِن أن هذا التقرير قد ينغمس مع أشكالٍ مختلفة مِن التنمر الطبقي الذي ينبع مِن ملبس أحدهم أو وظيفته أو حتى قدرته على التحدث بلغه معينة.

هذا الجزء المتعلق بذلك التقرير، يحكي عن عامل نظافة يعمل في شتّى المنازل، وبالرغم مِن كم الضغط الذي يُعانيه بسبب وظيفته، فإنه يواجه أيضاً التنمر مِن أهل المنزل الذي يعمل به، بل حتى أهل بيته يتنمرون عليه، ويقوم الأطفال بسكب الماء على وجهه وكأنها مزحة..أو مقلب..

إن كان هذا الجيل فوضوي إلى ذلك الحد وتقويمه قد يكون متأخراً جداً الآن، فهل سنترك أبنائنا يخطون نفس الخطى الشنيع؟

ولكن بالطبع، كيف للآباء تقويم أفعال أبنائهم وتعليمهم أن التنمر فعلاً مؤذياً، إن لم يفهموا هُم مِن الأساس مفهوم التنمر؟

وما الذي قد نعمل عليه للحد مِن التنمر إن لَم نُربي أبنائنا على فهمه وكيفية ملاحظته؟

الأمر أشبه بدائرة مُفرغة، ويحتاج أن ينتهي عاجلاً أم آجلاً، لأن ببساطة، الأبناء يقومون بتقليد نفس أفعال آبائهم.

شرح الأخصائي النفسي الذي قامت طارق بالتحدث معه بخصوص التنمر الطبقي، أن الأطفال يُقلدون آبائهم، خاصةً عندما يتعلق الأمر بكيفية معاملة الآخرين. لذلك، مِن الطبيعي أن يتعلم الأبناء أن التنمر الطبقي أمراً مقبولاً.

وعندما يكبر هؤلاء الأبناء دون تنبيه أحداً لهم أن يكفّوا عن ما يفعلونه، قد يتفاقم الأمر.

بدون ذكر أسماء، يتعرض أخو صديقتي المُقربة الصغير للتنمر مِن بعض الطلاب في المدرسة الذين لديهم اليد العليا في كل شيء. أي، أنهم لن يدخلوا في مشاكل لأنهم يُعتبروا «مسنودين» مِن صاحب المدرسة.

وللأسف، ذلك الطفل لا يستطيع أن يحظى بفرصة، ولكن الأمر تفاقم ولم يصبح عن معاناته مِن التنمر، ولكنه أصبح بمثابة صراع على السلطة ومَن يمتلك اليد العليا، بشكل أو بآخر.

لذلك، يجب أن يعتذر آباء الأطفال المتنمرون أو على الأقل، يعترفون بخطأهم. ولكن للأسف، يبدو أنهم يجهلون حقيقة أن ما يقوم به أبنائهم هو التنمر بعينه، وهُنا تكمن المشكلة.

إن لم يعترف الآباء بشكل عام أن التنمر قضية مهمة، فإننا لا نستطيع السيطرة على الأمر أو حتى المساعدة في الحد منه.

قرأت مقالاً في الشهر الماضي على صفحة «شوارع مصرية»، عن فتاة ذات ١٨ عاماً إنتحرت بسبب سخرية الناس مِن لونها وشعرها، وشكلها بوجه عام.

على الرغم مِن أن ذلك لا يُعتبر تنمر طبقي، ولكنه بالفعل سبباً مِن الأسباب المؤدية له.

لذلك…رجاءاً، قوموا بتعليم أبنائكم ألّا يقحموا أنفسهم في شئون الآخرين، لأن ببساطة ملبس، شكل، شعر، لون الآخرين، وما إلى ذلك ليس مِن شأنكم ولا تملكون الحق في التعليق عليه.